يلعب الأب دورا كبيرا في تشكيل شخصية ابنه، فهو القدوة التي يتفاخر بها أمام أصدقائه ،ودائما ما يكون حاضرا في وجدانه وفي وعيه بصورة الرجل الشجاع القوي.
لكن في بعض الأحيان نجد هناك نوعين من الآباء، واحد يقتصر تواجده في حياة أبنائه من خلال المال فقط، بحكم استقراره ببلد ثان ليوفر لهم حياة كريمة، وأب رغم وجوده بشكل يومي مع أبنائه إلا أنه دائم الانشغال ولا يتابعهم تربويا.
فما هو دور الأم في تعزيز حضور الأب في حياة أبنائها؟ وهل تخلو هذه العلاقة من التعقيدات؟ أسئلة وأخرى طرحناها فكان هذا التحقيق.
“لالة فاطمة” التقت بالعديد من الزوجات اللواتي نقلن معاناتهن من مشكلة غياب دور زوجها في حياة أبنائها كأب فعلي، وليس بالمال فقط، معربات عن استيائهن وحاجتهن لمساعدة أزواجهن ومساندتهن في تربية أطفالهن وإرشادهن للطريق الصحيح.
حاضر غائب
تقول ليلى وهي أم لولدين: “كثيرا ما أظن أن زوجي يعتبر منزلنا مجرد فندق للنوم، فهو يذهب للعمل من الثامنة صباحا ولا يعود إلا في الثامنة ليلا، يأتي ليغير ملابسه ويخرج مرة أخرى لمقابلة أصدقائه في المقهي، وبمجرد أن يعود يتناول عشاءه ويذهب للنوم، وحتى إن فكر في يوم ما بالجلوس معنا في البيت، فهو يظل جالسا على الكمبيوتر حتى وقت النوم». تضيف: “للأسف أشعر أن حياتي أصبحت روتينية، كل يوم أقوم بتلبية كافة مطالب زوجي، وكذلك مطالب أولادي من أكل وغسل ملابس وتربية وتدريس، وهو كل دوره إنفاقه
علينا، وكثيرا ما أتحدث معه في هذا الأمر، وأخبره أنني لا أستطيع تحمل كل هذه المسؤوليات لوحدي، و أنه يجب أن يتواجد في حياة أبنائه بشكل فعلي وليس بالمال فقط، ولكن دون جدوى، وفي الغالب ما تنتهي نقاشاتنا بمشاجرات حادة، ولكن أسوأ ما في الأمر وما يحز في نفسي أن ولداي الاثنين أصبحا يعاتباني لماذا أصر على فتح النقاش مع والدهما في كل مرة ماداما تعودا على غيابه في حياتهما، وأنهما نظما حياتهما على أنه غير موجود، الدرجة أن والدهما إذا مكث في المنزل وحاول ممارسة سلطته الأبوية يشعران بأنه شخص غريب معهما».
أخاف على ابني كثيرا من الانحراف
في حين تقول خديجة وهي في عقدها الخامس: “أنا سيدة متزوجة منذ 20 سنة، ولدي ولد عمره الآن 18 عاما وآخر 12 عاما، مشكلتي تكمن في أن زوجي لا يعرف كيف يتعامل مع أبنائي، خصوصا ابني الأكبر المراهق، فهو أفرط في تدليله كثيرا، ووفر له كل طلباته الترفيهية، ولم يسأل يوما عن طلباته التربوية والنفسية أو حتى توجهاته الدراسية وطموحاته، ورمي كل الحمل علي، أنا مني الأب والأم في نفس الوقت، مبررا غيابه عن رعاية أسرته ومتابعة شؤونها بأنه يعمل ويكافح من أجل تحقيق حياة كريمة لي ولأبنائي». تضيف: « لكني صراحة أخاف على ابني من كثر «لفشوش» أن ينحرف ويتجه إلى عالم المخدرات، وتضيع حياته بسبب والده غير المبالي الذي يعامله كطفل مدلل، وليس كرجل حقيقي يتحمل مسؤولياته .
دور زوجي الوحيد هو الإنفاق
أما سعاد وهي سيدة في الثلاتينات فتقول: «أنا متزوجة منذ 8 سنوات وأعيش مع أهل زوجي، أما هو فمستقر ا ولا نراه إلا مرة في كل سنيان، وكلما طلبت منه أن يأخذنا أنا وأبناؤه للعيش معه، وأننا أصبحنا حاجة إلى تواجده في حياتنا بشكل أكبر، يتحجج بالأزمة المالية، وأننا لن نتحمل ظروف العيش سمية هناك، وأنه لا ينقصنا شيء هنا، ولا يبخل علينا في أي طلب نطلبه منه». تضيف: “وطوال هذه السنوات تحملت كافة المسؤوليات من رعاية أطفالى وأهل زوجي، والقيام بمتطلبات المنزل، ودور زوجي الوحيد هو الإنفاق، حتى أنني مللت هذه العيشة، وطالما حلمت بالانفصال، لكني لا أستطيع تحمل مصاريف الإنفاق على أولادي، فليست لدي مؤهلات علمية عالية الأحصل على وظيفة محترمة، وفي الأخير أقنع نفسي أن ما أفعله تفعله كافة الزوجات».