حسم المغرب الجدل حول ملكية القفطان التقليدي في خطوة طال انتظارها . حيث أودع رسمياً لدى منظمة اليونسكو ملفاً متكاملاً لتسجيل “فن وتقاليد وصناعة القفطان المغربي” ضمن قائمة التراث الثقافي اللامادي للإنسانية لسنة 2025. وذلك بعد محاولات متكررة لتشويه الحقيقة والتشويش على الهوية المغربية لهذا الزي العريق.
ردّ مدروس على محاولات السطو
التحرك المغربي يأتي رداً مباشراً على واقعة شهدها العالم سنة 2023. حين أقحمت صورة لقفطان “النطع الفاسي” في ملف جزائري يسعى لتسجيل زيّ نسائي احتفالي من شرق الجزائر. في خطوة وصفت حينها بأنها محاولة فاضحة للاستيلاء على موروث مغربي أصيل. وبينما التزم المغرب حينها بالهدوء احتراماً للإجراءات المعتمدة لدى اليونسكو، عاد اليوم بملف قوي يعيد الأمور إلى نصابها. ويمنح القفطان المغربي ما يستحقه من اعتراف دولي.
ملف غنيّ بالتفاصيل… لا مجال فيه للشك
ما يميز هذا الملف المغربي ليس فقط توقيته، بل قوّته العلمية والدلالية، فقد شمل كل تفاصيل القفطان. من أسمائه المحلية المختلفة (قفطان، تكشيطة، المنصورية، الكْسوة الكبيرة، الجلابة، الدفينة…) إلى تقنيات صناعته، وأنواع أقمشته مثل: “خريب”، “البهجة”، “بروكار فاسي”، “موبرا”، “جوهرة”، وغيرها.
كما استعرض الملف تنوع المدارس الجهوية في التطريز، كطرز “الغرزة”، “الحساب”، “المجبود”، “الفتلة”، “الطرز الشاوني”، “زواق المْعلم”، إضافة إلى عناصر التزيين المصنوعة يدوياً، مثل العُقد (العقاد)، الأزرار، والسفيفة.
تقرؤون أيضا : الدار البيضاء تحتفي بالقفطان المغربي في عرض “إرث لا يموت”
القفطان: تراث مشترك بين الثقافات المغربية
حرص المغرب على توضيح أن القفطان ليس حكراً على فئة دون أخرى، بل هو موروث يهم كل مكونات المجتمع المغربي: عرباً، أمازيغاً ويهوداً، موضحاً أنه يرتدى في المناسبات الكبرى مثل الأعراس، العقيقة، الختان، أول صيام، الأعياد الدينية، وحتى بعض المناسبات الرسمية.
الملف شدّد على أن القفطان ليس مجرد زي، بل هو نتيجة لتلاقح ثقافي طويل بين حضارات عدة، وقد ظل حيّاً متجدداً بفضل إبداع أجيال متعاقبة من الصناع التقليديين، والمصممين العصريين الذين حافظوا على أصالته وابتكروا تصاميم عصرية تواكب الزمن.
من الصانع إلى المتحف… سلسلة تراثية متكاملة
وثّق الملف الدور المحوري للحرفيين المغاربة (المعلمين والمعلمات) في حفظ هذا الفن، من النساجين، إلى الخياطين، إلى صناع الزينة، والطرّازات، مشيراً أيضاً إلى أهمية المتاحف، الجمعيات، المعاهد، والتعاونيات التي أسهمت في توثيق هذا الزي وضمان استمراريته.
نحو اعتراف دولي مستحق
اليوم، وبعد إدراج الملف رسمياً على موقع اليونسكو، يكون المغرب قد وضع القفطان على الطريق الصحيح نحو التتويج الدولي. بعد أن ظلّ لقرون رمزاً للأناقة، الهوية، والذاكرة الجماعية.
وفي زمن تحاول فيه بعض الأطراف طمس الحقائق وادعاء نسب ما لا تملكه، جاء هذا الرد المغربي مدوّياً: القفطان ليس مجرد لباس، بل تراث، وتاريخ، وفن لا يزاح ولا يزوّر.