قد يبدو الأمر مفاجئًا، لكن مستويات التعب تكون أحيانًا أعلى خلال عطلة نهاية الأسبوع، مقارنة بأيام العمل. فبينما يُفترض أن تكون نهاية الأسبوع فترة للراحة واستعادة النشاط، يجد كثيرون أنفسهم أكثر إنهاكًا. فما السبب وراء ذلك؟ ومتى يتحول هذا الشعور إلى مؤشر خطر؟
توضح الطبيبة النفسية مارين كولومبيل، في تصريح لمجلة ” فام أكتييل ” المتخصصة في التأمل وعلاج الإرهاق المهني، أن التعب المزمن أصبح ظاهرة شائعة تمس مختلف الفئات العمرية. وتشير إلى أن ما بين 10 و25 في المئة من الأشخاص الذين يزورون الطبيب العام يشكون من التعب المستمر، فيما تشكّل النساء النسبة الأكبر بين هؤلاء.
وتضيف كولومبيل أن التعب لا يقتصر فقط على الجهد الجسدي أو الذهني، بل له وجوه متعددة: التعب الوجودي، العاطفي، الحسي، والإدراكي. وغالبًا ما يُخلط بين بعضها وبين الاكتئاب، في حين أنها حالات مختلفة..
حين يتحول الاسترخاء إلى تعب
يحدث أحيانًا أن يشعر البعض بمزيد من التعب خلال عطلة نهاية الأسبوع، رغم قضاء الوقت في الراحة أو النوم. وتُفسّر الطبيبة هذا الأمر بقولها:
“عندما نتوقف عن العمل وتهدأ وتيرة الضغط اليومي، يتراجع مستوى هرمون الكورتيزول في الجسم، وهو الهرمون المسؤول عن التكيف مع التوتر. هذا الانخفاض المفاجئ يخلق شعورًا بالتعب يشبه ما يحدث عند ارتخاء عضلات كانت مشدودة لفترة طويلة وتضيف :”.
“لا يجب مقاومة هذا التعب أو تجاهله، بل الاستماع إلى الجسد. فإذا عاد الضغط بقوة مع بداية الأسبوع، دون فترات راحة حقيقية، فقد يؤدي ذلك تدريجيًا إلى الإرهاق المهني (الاحتراق النفسي) أو ما يُعرف بـ البُرن آوت.”
التعب الذهني في عطلة نهاية الأسبوع
كما تلفت الطبيبة إلى نوع آخر من التعب: التعب الذهني الناتج عن تعدد المهام. ففي عطلة نهاية الأسبوع، يحاول الكثيرون التوفيق بين الالتزامات المهنية والعائلية والشخصية، مما يمنعهم من الاسترخاء الذهني الحقيقي.
وتحذر من أن هذا النمط من الحياة “متعدد المهام” قد يؤدي إلى إجهاد معرفي متواصل.
متى يجب القلق واستشارة الطبيب؟
توصي الدكتورة كولومبيل باستشارة الطبيب عند ملاحظة العلامات التالية:
1. ظهور التعب بشكل مفاجئ.
2. ترافق التعب مع فقدان الوزن غير المبرر.
3. الشعور بـ أفكار سوداوية أو فقدان الرغبة في الأنشطة اليومية
ثلاث ركائز لمحاربة التعب
وللتغلب على هذا الشعور المزعج، تقترح الطبيبة ثلاث خطوات أساسية:
1. النوم الجيد: لا يكفي النوم لساعات طويلة، بل يجب أن يكون نومًا مريحًا وعميقًا ليستعيد الجسم نشاطه.
2. نظام غذائي متوازن: الابتعاد عن الأطعمة المصنعة والغنية بالدهون والسكريات، والإكثار من الأطعمة الغنية بالأوميغا 3 والألياف.
3. محاربة التوتر: عبر التأمل، أو العلاج بالاسترخاء، أو العلاج السلوكي المعرفي، أو التنويم الإيحائي. كما تنصح بالحفاظ على الحركة اليومية التي تفرز “هرمونات السعادة” وتعيد التوازن النفسي.
الشعور بالتعب خلال عطلة نهاية الأسبوع ليس بالضرورة علامة مرضية، بل إشارة من الجسم إلى حاجته للراحة الحقيقية بعد فترات من الضغط المتواصل. الإصغاء للجسد، وتنظيم نمط الحياة، قد يكونان أفضل علاج لاستعادة الطاقة والصفاء الذهني.