منذ سنوات مضت، أصبح شهر أكتوبر أكثر من مجرد شهر عادي في التقويم، إنه رمز للأمل، والتضامن، والوعي ضد السرطان، وتحديدًا سرطان الثدي، الذي يُعدّ أكثر أنواع السرطان انتشارًا بين النساء حول العالم.
مبادرة غيرت التاريخ
يرجع أصل هذا الارتباط إلى عام 1985، حين أطلقت الجمعية الأمريكية للسرطان بالتعاون مع شركة الأدوية AstraZeneca حملة وطنية في الولايات المتحدة للتوعية بخطورة سرطان الثدي وأهمية الكشف المبكر عنه.
منذ ذلك التاريخ، أصبح أكتوبر يُعرف عالميًا باسم “شهر التوعية بسرطان الثدي” (Breast Cancer Awareness Month)، وسرعان ما انتشرت المبادرة إلى مختلف دول العالم، لتتحول إلى حملة إنسانية كبرى.
الشريط الوردي… رمز الأمل والمقاومة
في بداية التسعينيات، اختير الشريط الوردي ليكون الرمز العالمي لهذه الحملة. فهو يعبّر عن الأنوثة، والرحمة، والقوة الهادئة التي تتحلى بها النساء في مواجهة المرض.
منذ ذلك الحين، أصبح اللون الوردي يطغى على الميادين والمباني، وحتى على الفعاليات الفنية والرياضية، تعبيرًا عن التضامن والدعم.
لماذا سرطان الثدي بالذات؟
لأن سرطان الثدي يمثل التهديد الصحي الأول للنساء في العالم، حيث تُسجّل ملايين الحالات سنويًا.
لكن الأمل كبير: فبحسب منظمة الصحة العالمية، يمكن إنقاذ حياة أكثر من 90% من المصابات إذا تم الكشف المبكر والعلاج في المراحل الأولى.
لذلك تركّز حملات أكتوبر على الفحص الذاتي المنتظم والمتابعة الطبية السنوية كأبسط وسائل الوقاية.
من التوعية إلى الدعم النفسي
مع مرور الوقت، لم يعد أكتوبر مجرد شهر للفحوصات والحملات الطبية، بل تحول إلى شهر للتضامن الإنساني.
تُنظَّم خلاله لقاءات، وورشات، وفعاليات رياضية وموسيقية تهدف إلى دعم المريضات نفسيًا ومعنويًا، وتكريم الناجيات من السرطان باعتبارهن رموزًا للقوة والإصرار.
انخرطت العديد من الدول في هذه الحملة من خلال إضاءة المعالم الوطنية باللون الوردي، وإطلاق مبادرات فحص مجاني، ومواكبة إعلامية واسعة.
وفي المغرب، مثلاً، تنشط الجمعيات النسائية والطبية خلال هذا الشهر في حملات توعية تجوب المدن والقرى، لتقريب المعلومة الصحية من النساء وتشجيعهن على الفحص المبكر.
أكثر من شهر.. أسلوب حياة
رسالة “أكتوبر الوردي” لا تنتهي بانتهاء الشهر، فهي تذكير مستمر بأهمية العناية بالصحة الجسدية والنفسية، وبأن محاربة السرطان تبدأ من الوعي والمعرفة، لا من الخوف. شهر أكتوبر ارتبط بالسرطان لأنه أصبح شهرًا عالميًا للتوعية بسرطان الثدي، ورمزًا للأمل في وجه المرض، وللتكاتف الإنساني عبر العالم. اللون الوردي لم يعد لونًا جماليًا فقط، بل صار لون الشجاعة والحياة.