تغير كل شيء ،في لحظة. استيقظت الإعلامية المصرية آلاء عبد العزيز لتجد نفسها شخصًا آخر، مختلفًا تمامًا عمّا كانت عليه. نزعت حجابها، خرجت ليلاً، وتحدثت بصوت لا يشبهها، لتصدم متابعيها باعتراف صادم: “أنا مش آلاء.. أنا لي لي!” كان هذا الإعلان بمثابة زلزال على منصات التواصل الاجتماعي، حيث تساءل الجميع: هل قررت فجأة أن تتغير تماما أم هناك مرض تسبب في ذلك ؟
“أنا الأصل.. مذيعة دينية مين؟” – بين نوبات الوعي والضياع
ما جعل قصة آلاء أكثر إثارة هو التغير الدرامي في شخصيتها. من إعلامية دينية إلى امرأة تتحدث بنبرة مختلفة تمامًا، مستخدمة لغة لم يعتدها جمهورها. في أحد بثوثها المباشرة، ظهرت منهارة وقالت: “أنا مش فاكرة بنتي.. أنا بخرج بليل ومبفتكرش حاجة”، مما أثار تساؤلات حول مدى تأثير المرض على ذاكرتها وسلوكها.
ما هو المرض الذي يغير هوية الإنسان ؟
الفصام (الشيزوفرينيا) ليس مجرد اضطراب نفسي عادي، بل حالة معقدة تؤثر على إدراك الشخص لواقعه وهويته. يتسبب في هلوسات بصرية وسمعية، أوهام غريبة، وسلوكيات غير متوقعة. المصابون به قد يعتقدون أنهم أشخاص آخرون أو يعيشون في واقع موازٍ، كما حدث مع آلاء، التي وصفت شعورها وكأنها لم تعد هي نفسها، بل أصبحت شخصًا جديدًا تمامًا.
كيف يؤثر الفصام على هوية الإنسان؟
الفصام ليس مجرد فقدان للذاكرة أو اضطراب مزاجي عابر، بل هو حالة عقلية تغير إدراك المريض لنفسه وللعالم من حوله. في بعض الحالات، يشعر المصاب وكأنه شخص آخر، أو يختلط عليه الأمر بين الواقع والخيال، كما حدث مع آلاء عبد العزيز عندما استيقظت وهي لا تتذكر أنها أم، بل اعتقدت أن هناك “نسخة أخرى” منها تسيطر على حياتها.
هذه التغيرات تعود إلى اضطراب في كيمياء الدماغ، حيث يؤدي الخلل في الناقلات العصبية مثل الدوبامين والسيروتونين إلى تشوش التفكير، وفقدان الإحساس بالهوية، وظهور الهلاوس والأوهام. لذلك، قد يشعر المريض أحيانًا بأنه ليس نفسه، أو أن هناك “أصواتًا” تملي عليه ما يفعل، مما يدفعه إلى تصرفات غير معتادة.
هل الفصام يجعل المريض خطرًا على نفسه أو الآخرين؟
رغم الاعتقاد الشائع، فإن معظم المصابين بالفصام ليسوا خطرين على الآخرين، لكنهم قد يكونون عرضة لإيذاء أنفسهم، خاصة خلال نوبات الهوس أو الاكتئاب الشديد. الشعور بالضياع وعدم القدرة على السيطرة على الأفكار قد يؤدي إلى تصرفات اندفاعية، مثل تلك التي ظهرت في تصرفات آلاء عندما وصفت شعورها بالتشتت بين شخصيتين.
تقرؤون أيضا : الإعلامية آلاء عبد العزيز تفاجئ جمهورها بظهورها بدون حجاب
كيف يمكن التعامل مع الفصام؟
الفصام مرض مزمن لكنه قابل للتحكم، خاصة إذا تم التشخيص المبكر واتباع العلاج الصحيح. يشمل العلاج:
- الأدوية المضادة للذهان: تعمل على تقليل الهلاوس والأوهام وتحسين التفكير المنطقي.
- العلاج النفسي والسلوكي: يساعد المريض على فهم حالته والتعامل مع الأعراض بطريقة صحية.
- الدعم الأسري والمجتمعي: تقبل العائلة والمجتمع لحالة المصاب يقلل من تفاقم الأعراض ويساعد في تحسين نوعية حياته.
- إدارة الضغوط والتوتر: التوتر الشديد قد يؤدي إلى نوبات انتكاس، لذلك من المهم تبني أسلوب حياة صحي.
لماذا علينا الحديث عن الفصام بجدية؟
القصص مثل قصة آلاء عبد العزيز تكشف عن الوصمة الكبيرة المرتبطة بالاضطرابات النفسية. ما إن أعلنت عن مرضها حتى انقسمت ردود الفعل بين من يتهمها بمحاولة لفت الانتباه، ومن يتعاطف مع حالتها. هذا الانقسام يعكس نقص الوعي حول الأمراض النفسية، حيث لا يزال البعض يعتقد أن الفصام مجرد “حالة مزاجية” يمكن تجاوزها، وليس مرضًا يتطلب علاجًا طبيًا متخصصًا.
الفصام ليس وصمة عار
قي الختام ،سواء كانت حالة آلاء عبد العزيز فصامًا حقيقيًا أم اضطرابًا آخر، فإن قصتها تسلط الضوء على ملايين الأشخاص الذين يعانون بصمت. الفصام ليس حكمًا بالإعدام على حياة المريض، لكنه يحتاج إلى تشخيص دقيق وعلاج مستمر. الأهم من ذلك، أننا بحاجة إلى التحدث عن الصحة النفسية بوضوح، بعيدًا عن الأحكام المسبقة، لأن الفهم هو الخطوة الأولى للعلاج والشفاء.