أحيانا قد نشعر أننا فقدنا القدرة على الإحساس ، خصوصا في أوقات التوتر الشديد أو بعد التعرض لصدمات متكررة . لا فرح يبهجنا، ولا حزن يؤلمنا، فقط فراغ داخلي يخيّم على كل شيء. تعرف هذه الحالة بـ “التبلد العاطفي”، وهي طريقة دفاعية يلجأ إليها العقل ليتفادى الانهيار، لكنها تسحبنا تدريجيًا من أنفسنا ومن علاقاتنا.
ما الذي يعنيه التبلد العاطفي؟
إنه حالة من الانفصال النفسي والعاطفي، حيث يتوقف الشخص عن التفاعل مع الأحداث حوله. يفقد الشغف، يتجاهل ما يحب، وتصبح المشاعر محايدة أو معدومة تمامًا. لا حزن ولا فرح… فقط خمول شعوري.
ليس ضعفًا: من هم الأكثر عرضة للتبلد العاطفي؟
لا يقتصر الأمر على فئة معينة. العامل المنهَك، الأم التي تفيض بالتعب، الطالب المثقل بالضغوط، أو حتى من يواجه خلافًا بسيطًا لكنه يتراكم داخليًا… الجميع قد يمرون بهذه الحالة مهما اختلفت قوتهم أو خلفياتهم.
أين ومتى يظهر؟
قد يظهر في أي وقت ومكان: بعد موقف محرج في العمل، خلال شجار عائلي، أو بمجرد تذكر لحظة موجعة. سواء وسط الناس أو في عزلة، قد يتسلل فجأة ليجعل الواقع باهتًا.
علاماته التي لا ترى بوضوح
نظرات تائهة، فقدان الإحساس بالزمن، تراجع التفاعل مع الآخرين، وعدم القدرة على الضحك أو البكاء. كأن الشخص يشاهد حياته من الخارج دون أن يكون جزءًا منها.
وراء الكواليس: لماذا نشعر بهذه القسوة الداخلية؟
غالبًا ما يكون خلف التبلد صدمة قديمة، قلق مزمن، اكتئاب دفين، أو حتى آثار اضطراب ما بعد الصدمة. كما قد تسهم بعض الأدوية أو العادات مثل شرب الكحول في تفاقم الشعور بالانفصال العاطفي.
تقرؤون أيضا : التخلص من السموم الرقمية: ضرورة لحماية الصحة النفسية للمراهقين
خطوات صغيرة للخروج من الجمود العاطفي:
- ابحث عن الأمان في العلاقات: التحدث مع شخص نثق به يمكن أن يفتح بابًا نحو الشفاء.
- حرّك جسدك: النشاط البدني يعيدنا للحظة الحاضرة ويوقظ الجسد والنفس.
- تنفّس ودوّن: مارس التأمل أو عبّر بالكتابة عن مشاعرك لتفريغ ما بداخلك.
- اهتم بجسدك: النوم الكافي والتغذية السليمة أساس لأي توازن نفسي.
- لا تتردد في طلب المساعدة: العلاج النفسي ليس ضعفًا، بل طريق شجاع للعودة إلى ذاتك.
إن كنت ترافق شخصًا يمر بهذه التجربة
- لا تجبره على الحديث.
- امنحه وقتًا ومساحة للهدوء.
- تحدّث عن مشاعرك دون اتهامات.
- ساعده في بناء حدود جديدة صحية تحميه وتحمي علاقتكما.
كلمة أخيرة
التبلد العاطفي ليس نهاية الشعور، بل وقفة لحماية الذات. لكنه يتحول إلى عبء إذا طال أمده. تذكّر أن المشاعر، حتى المؤلمة منها، هي ما يجعلنا أحياء. لا تخف من العودة إلى قلبك، فهناك يكمن طريق الشفاء.