يؤكد عزوز التونسي أستاذ علم النفس الاجتماعي ل”لالة فاطمة” أن الشهادة الطبية المثبتة للخلو من الأمراض أحد مكونات ملف الزواج، لكن هذا الشرط يفرغ في غالب الأحيان من مدلوله ويصبح أمرا شكليا، بل عملا تزويريا، حيث تمنح الشهادة من طرف البعض، دون فحص يذكر، بل أحيانا دون حضور المعني بالأمر.
وتتدخل في هذا الباب مجموعة من العوامل، منها انعدام روح المسؤولية لدى البعض وقلة الوعي وعدم وجود آليات تسمح بالتأكد من إجراء التشخيص عمليا، بالإضافة إلى بعض الأمراض الاجتماعية التي تنخر المجتمع. في حين يشكل الكشف الطبي قبل الزواج إجراء ذا أهمية بالغة في الوقاية من الأمراض.
فالمعرفة بالوضعية السيرولوجية للزوجين ضرورية لتفادي العدوى بين الزوجين أو لانتقال الإصابة من أحدهما إلى الآخر إذا كان متعايشا أو لدرء تفاقم وضعهما الصحي إن كانا معا متعايشين.
ويستلزم إجراء هذا الفحص وجود وعي لدى الطرفين وحسا بالمسؤولية تجاه الذات وتجاه الشريك، فالعلاقة الزوجية قبل أن تكون مبنية على تعاقد اجتماعي هي أساسا ارتباط وجداني بالآخر يستلزم حمايته.
غير أن الملاحظ هو أن قلة من الناس تعي هذه الأهمية، وبالتالي تقبل على التشخيص الذي يبقى طوعيا وفق ما تنص عليه التوصيات والمبادئ الدولية في هذا الباب. ويرجع هذا الإحجام لدى المقبلين على الزواج إلى هذا التخوف العام الذي نلاحظه لدى كثير من الناس تجاه تشخيص فيروس فقدان المناعة المكتسب.
إن الخوف من إجراء تشخيص هو خوف من احتمالية الإصابة بمرض تشكلت حوله مجموعة من التمثلات التي جعلت منه مرضا استثنائيا مخيفا قاتلا ومعديا، وهي تمثلات دفعت إلى ترويج دعايات مغرضة أدت إلى تأجيج الوصم والميز ضد الأشخاص المتعايشين مع فيروس السيدا. لذلك إن عدم الإقبال على التشخيص من طرف المقبلين على الزواج هو خوف من عدم تقبل الإصابة. إنه في الأصل نتيجة لتلك التمثلات الاجتماعية والمواقف السلبية، وتلك المعارف الخاطئة حول طبيعة الفيروس، خاصة وأنه اليوم لم يعد مرضا قاتلا بقدر ما هو مرض مزمن ينتقل عبر وسائل محددة، وهناك العلاج الثلاثي الذي يحد من انتشاره المبكر يسمح بتحديد الإجراءات العلاجية الكفيلة بالمحافظة على صحة المتعايش.