هي قصة معاناة وتحمل وصبر وأماني أيضا.. هي حكاية فتاة بقامة قصيرة، لكن بآلام وهموم كبيرة. اسمهامريمة اشخيشخ، فتاة في عقدها الثاني، شاءت الأقدار أن تولد مختلفة عن أشقائها الأربعة، فواجهت صعوبات وتحديات لازالت تناضل من أجل كسرها وتحقيق حلمها.
وسط أسرة فقيرة مكونة من أب وأم وخمسة أبناء، ولدت مريمةاشخيشخ سنة 1989 بمدينة الخميسات، من أب مياوم لا عمل قار له وأم ربة بيت لا حول لها ولا قوة.. داخل هذه الأسرة المتواضعة ستزداد مريمة ثانية بعد ولادة شقيقها الذي يكبرها بسنتين.. ستمر الشهور الأولى عادية إلى حين اكتشاف إعاقتها الحركية بسبب قصر قامتها، لكن مريم لم تع جيدا ما تعانيه حتى بلوغها سن التاسعة من عمرها عند التحاقها بالمؤسسة التعليمية، حيث ستلاحظ الفرق بينها وبين أقرانها وتبدأ معاناتها الحقيقية، تقول “كان حلمي أن أتمم دراستي وأحظى بوظيفة تكفيني شر السؤال، وتساعدني على إعالة أسرتي ومساعدة والدي، لكن الحلم تبخر في رمشة عين وعوض التخفيف عن العائلة أصبحت عالة، فلو كانت عندي صحتي لكنت “تنجفف” عند الناس باش نضمن لقمة عيشي لكن الله غالب”، تعلق مريم بحسرة كبيرة “حرمت من أبسط حقوقي وهو حقي في التعليم”.
بعد استكمال تعليمها الابتدائي بمؤسسة خاصة بذوي الاحتياجات الخاصة، انتقلت مريم لإتمام دراستها الإعدادية بإحدى المؤسسات التعليمية، لكن هذه المرة رفقة تلاميذ “أسوياء” وهنا ستبدأ معاناتها تقول “منين تحولت للإعدادي صادفت واقع آخر كنت كنخاف من نظرة التلاميذ، لكن صدمتي كانت قوية من طرف أستاذ عيرني وقال ليا انا كنقري تلاميذ ماشي بورطابل”. تضيف مريم “عبارة كانت كافية لتغير حياتي وتقلبها رأسا على عقب، عبارة خلفت جرحا عميقا وعقدة لم أستطع تجاوزها، فبدأت أكثر من الغياب وأهمل دراستي بعدما كانت أحلامي كبيرة”.
بمستوى الثالثة إعدادي لم تتمكن مريم من إيجاد عمل، بل ثمة صعوبات كثيرة واجهتها “إعاقتي حركية، فطولي 98 سنتمترا والتحديات أكبر من ذلك بكثير منها بعد الأبوين، بحكم أنهما يعشيان في البادية وأنا معي أخي الأصغر الذي يتابع دراسته بالمدينة، فأبي لا يتوفر على عمل مستقر هنا في المدينة، نقطن بسكن “غير لائق” لا يناسب وضعي الصحي، ففي فصل الشتاء تتسرب إليه المياه بسبب البناء العشوائي، كما أننا لا نتوفر على الماء والكهرباء، ولكم أن تتخيلوا ما يمكن أن تعانيه فتاة في مثل وضعي مطلوب منها القيام بجميع الأعباء المنزلية، ناهيك أنني أصبحت أعاني من التهاب في المفاصل فقدت على إثرها الحركة منذ ثلاثة أشهر”.
المجتمع لا يرحم من هم في وضعية إعاقة وينظر إليهم نظرة تهكم وازدراء في كثير من الأحيان تسترسل مريم قائلة “يجب أن أعامل كشخص عادي لديه احتياجات خاصة، فأنا قادرة على كل شيء، أملك عزيمة وإرادة تجعلاني أعيش بكرامة دون أن أكون عالة على أسرتي ومجتمعي، فلو أتيحت لي الفرصة لاشتغلت، فهناك من لا يتوفرون على الشهادة الابتدائية، ومع ذلك هم موظفون ومستخدمون”.