بين 12 و14 يناير من كل عام، يحتفل المغاربة عامةً، والأمازيغ بشكل خاص، بقدوم السنة الأمازيغية الجديدة 2975، وهو تقويم يعكس ارتباطًا وثيقًا بالطبيعة والزراعة. هذه المناسبة، المعروفة باسم “ينّاير”، ليست مجرد يوم عادي في التقويم، بل هي رمز لاستمرارية الهوية الثقافية والتاريخية العريقة التي تمتد لأكثر من ثلاثة آلاف عام.
الجذور التاريخية لـ”ينّاير”
يرتبط “ينّاير” بتقاليد زراعية قديمة تحتفي ببداية موسم جديد للزراعة والحصاد، وهو ما يجعلها أحد أقدم الاحتفالات في تاريخ البشرية. هذا اليوم يعد تكريمًا للطبيعة وارتباط الإنسان بأرضه، ليعكس مكانة الزراعة في حياة الأمازيغ عبر العصور.
اقرأ أيضا : تتويج الباحثة فاطمة أكناو بالجائزة التقديرية للثقافة الأمازيغية 2023
الأجواء العائلية والمجتمعية: دفء واحتفاء
يشكل “ينّاير” فرصة استثنائية لتوطيد الروابط العائلية والمجتمعية. الأسر تجتمع حول موائد عامرة بالأطباق التقليدية الشهية، مثل “التاكلا” المصنوعة من القمح والعسل، وطبق الكسكس الذي يعدّ جوهرة هذه المناسبة. كما تزين الموائد بالفواكه المجففة، المكسرات، والحلويات التي ترمز للسعادة والمشاركة. الأطفال يعيشون أجواءً من البهجة والفرح، مرتدين الملابس التقليدية ومشاركين في الألعاب والاحتفالات العائلية.

الاحتفالات الموسيقية: إحياء التراث
لا تكتمل أجواء “ينّاير” دون أنغام الطبول ورقصات “أحواش” و”أحيدوس”، حيث تصطف النساء والرجال في تشكيلات متناغمة تعكس جمال التراث الأمازيغي وروح التلاحم المجتمعي. هذه الرقصات ليست مجرد حركات فنية، بل هي احتفال بالجذور والتاريخ.

اللباس التقليدي: هوية متجسدة
يرتدي الأمازيغ في هذه المناسبة ملابسهم التقليدية المزينة بنقوش الحناء والمجوهرات الفضية التي تعبر عن الفخر بالهوية الأصيلة. هذه الأزياء ليست فقط للتزين، بل هي لغة ثقافية تنقل معاني الانتماء والجمال.

الشعر والسرد: حكمة تتناقلها الأجيال
جانب آخر من احتفالات يتمثل في السرد الشعري، حيث يجتمع كبار السن لسرد الحكايات وإلقاء الأشعار الأمازيغية التي تحمل حكمًا ودروسًا من الماضي. هذه القصص تربط بين الأجيال، لتكون جسرًا للحفاظ على الذاكرة الجماعية.
“ينّاير”: بداية عام مليئة بالأمل
يعتبر “ينّاير” أكثر من مجرد بداية لسنة جديدة. إنه دعوة لتجديد الأمل وتمني الخير للجميع. رمزية هذا الاحتفال ترتبط بالخصوبة، الرخاء، والتفاؤل بموسم يعِد بالخير.
الأصالة والتجديد: احتفال حي ب”ينّاير”
في العصر الحديث، أصبحت احتفالات السنة الأمازيغية جزءًا من الهوية المغربية. لذلك تنظم المهرجانات والأنشطة الثقافية في المدن الكبرى لإحياء هذا التراث الغني، وأصبحت وسائل التواصل الاجتماعي وسيلة لإبراز جمال الثقافة الأمازيغية ومشاركة الأجواء الاحتفالية مع العالم.
في الختام “ينّاير” ليس مجرد مناسبة أمازيغية، بل هو احتفال يجسد التنوع الثقافي والثراء الحضاري للمغرب .
كيف تحتفلون بـ”ينّاير”؟ شاركونا قصصكم وتجاربكم في التعليقات.
اسكاس أمباركي 2975!