السؤال:
أنا متزوجة منذ سنتين، لدي ابنة رضيعة، أعاني من مشكلة مع زوجي، وهي كثرة ذهابه إلى أصدقاء السوء، وتجمعهم في مكان واحد، وهو ما يسمى بالديوانية. لا أعرف ماذا أفعل معه؟! علما أن هذه الديوانية تحصل بها منكرات عديده من دخان وشيشه وأفلام وأغان وتهاون بالصلوات، أريد استشارة منكم، فقد حاولت معه بعدة طرق ولم تجد نفعا، وأخبرت والديه بتصرفاته، ولكن لم أجد أي حل، فوالداه لم يتخذا أي موقف صارم معه، فأنا من عائلة محافظه، وأريد أن اُربي أولادي تربية صالحة، لكن عندما أرى حال زوجي لا أعلم ماذا سأفعل؟!
الإجابة: الدكتور عقيل المقطري
مرحبا بك -أختنا الكريمة- وردا على استشارتك أقول:
من أعظم أسباب وقوع زوجك في هذه المنكرات ضعف إيمانه، ولذلك فعليك أن تهتمي وتجتهدي في إصلاحه بالحكمة والموعظة الحسنة، ولا تيأسي من ذلك، مع عدم الإكثار عليه، ولكن بين الحين والآخر، واستغلي المناسبات المؤثرة كالحوادث والموت، وما شاكل ذلك.
تعرفي على من يمكن أن يؤثر عليه، وخاصة من أصدقائه القدماء الصالحين، تعرفي على زوجاتهم، واطلبي منهن أن يخبرن أزواجهن بمحاولة القرب والتأثير على زوجك، دون أن يشعروه بأنك من طلب ذلك، فلعل الله تعالى يجعل الخير على أيديهم، فمن الناس من جعلهم الله مفاتيح للخير ومغاليق للشر.
لا تستسلمي للوضع القائم، وبالحكمة والموعظة الحسنة، وحسن الأسلوب ستؤثرين على زوجك، بإذن الله تعالى، فما كان الرفق في شيء إلا زانه وما نزع من شيء إلا شانه، فعليك بالرفق واختيار الوقت والمكان المناسبين للحوار مع زوجك.
اجتهدي في أن تبعديه عن رفقاء السوء، فرفقاء السوء سيدمرون حياته ثم يتركونه وحيداً، فإن استطعت أن تغيري رفقاءه فتلك بداية الطريق، ولا بد أن يكون بينك وبين زوجات إخوان زوجك تعاون، فكل واحدة تستعين بالله وتبدأ مشوار إصلاح زوجها، فلعل من صلح منهم يستطيع أن يغير الآخرين.
اطلبي منه جلسة عائلية في الوقت الذي يراه هو، وكوني متأهبة لذلك الوقت بأحسن حلة، بحيث تفاجئينه بتجملك، وما أعددته لتلك الجلسة، وتبدئين الحديث معه ببث ما في نفسك من حبه، والحاجة إلى قربه، وأنك تتمنين أن يعطيك أياماً في الأسبوع تتجاذبين معه أطراف الحديث، وتخططون لمستقبلكم وأولادكم، وتخرجين معه لتغيير أجواء البيت في بعض الأماكن المتاحة كبقية الأزواج، فإن نجحت في هذا فتلك خطوة مهمة، فتدرجي معه حتى تسحبيه من رفقاء السوء.
ذكريه بقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إِنَّمَا مَثَلُ الجَلِيسِ الصَّالحِ والجَلِيسِ السّوءِ كَحَامِلِ الْمِسْكِ وَنَافِخِ الْكِير، فَحَامِلُ الْمِسْكِ إمَّا أنْ يُحْذِيَكَ وَإِمَّا أنْ تَبْتَاعَ مِنْهُ وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ مِنْهُ رِيحًا طَيِّبَةً، وَنَافِخُ الكِيرِ إِمَّا أَنْ يُحْرِقَ ثِيَابَكَ وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ رِيحًا خَبِيثَةً) وبقوله عليه الصلاة والسلام: (المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل)، ويقال في المثل: الصاحب ساحب.
برفق ولين وحكمة ذكريه بالله تعالى، وأنه يراه ويراقب أفعاله، ووكل به ملكين يكتبان كل ما يقول ويفعل، قال تعالى: (الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ) وقال: (مَّا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ) وقال: (وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ كِرَامًا كَاتِبِينَ يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ).
اقرعي باب الله تعالى وتضرعي بالدعاء وأنت في حال سجود لله، وتحيني أوقات الإجابة، وسلي الله تعالى أن يصلح زوجك، وأن يلهمه الرشد، وأكثري من دعاء ذي النون، فما دعا به أحد في شيء إلا استجاب الله له، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (دعوة ذي النون، إذ دعا وهو في بطن الحوت: لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين؛ فإنه لم يدع بها رجل مسلم في شيء قط إلا استجاب الله له).
الزمي الاستغفار، وأكثري من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، فذلك من أسباب تفريج الهموم، كما ورد في الحديث، (من لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجاً ومن كل ضيق مخرجاً) وقال لمن قال له أجعل لك صلاتي كلها: (إذا تكفى همك ويغفر ذنبك).
حافظي على تلاوة جزء من القرآن يومياً، وحافظي على أذكار اليوم والليلة يطمئن قلبك، كما قال تعالى: (الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ ۗ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ).
نسأل الله تعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يصلح زوجك ويقر عينيك بصلاحه ويسعدك، إنه سميع مجيب.
المصدر: موقع إسلام ويب