ظهر بمنطقة بونديبوغيو الهادئة بأوغندا فجأة مرض غامض قلب حياة السكان رأسًا على عقب. يطلق عليه اسم “دينغا دينغا”، وهو يعني “الارتعاش كأنك ترقص”. قد يبدو مرضا مضحكا لكنه أبعد ما يكون عن المرح إذ يترك المصابين في حالة من الاهتزاز العنيف، وكأن أجسادهم ترقص رغماً عنهم. ومع أنه لم يتسبب في وفيات حتى الآن، إلا أنه زرع الخوف في قلوب الجميع وأثار حيرة الأطباء والمختصين.
ماذا يحدث؟
تخيل أنك تحاول المشي، لكن جسدك يبدأ بالاهتزاز بشكل جنوني، وكأنك في حفلة راقصة لا يمكنك مغادرتها. هذا هو الواقع المرعب للمصابين بهذا المرض.
الاهتزازات العنيفة: العرض الأبرز والأكثر غرابة. أجساد المرضى تتحرك بلا توقف، لدرجة تجعل المشي شبه مستحيل.
حمى تنهك الجسد: حرارة مرتفعة تترك المرضى في حالة ضعف شديد.
شلل مفاجئ: في بعض الحالات، يشعر المرضى بأنهم محاصرون في أجسادهم، عاجزين عن الحركة.
قصة تهزّ المشاعر:
باتيانس كاتوسييمي، فتاة تبلغ من العمر 18 عامًا، تروي تجربتها مع هذا المرض المروّع:
“كنت أشعر بضعف لا يوصف، ثم بدأت أرتجف بعنف. عندما حاولت المشي، شعرت وكأنني مشلولة. كان الأمر أشبه بكابوس حيّ!”
لكنها اليوم تعافت بفضل العلاج الطبي المناسب، ووجهت شكرها للفريق الطبي الذي أنقذ حياتها.
سباق مع الزمن
فيما يقف السكان بين الخوف والأمل، يعمل الأطباء والباحثون بلا هوادة لكشف سر هذا المرض الغامض. تم إرسال عينات من المصابين إلى وزارة الصحة الأوغندية لتحليلها، ومع أن السبب ما زال مجهولاً، إلا أن استخدام المضادات الحيوية أظهر نتائج مبشرة. الدكتور كيييتا كريستوفر، مسؤول الصحة في المنطقة، طمأن الجميع قائلاً:
“معظم المرضى يتعافون في غضون أسبوع. لا داعي للذعر، ولكن يجب الابتعاد عن العلاجات العشبية غير الموثوقة”.
لغز يثير الفضول
ما يزيد الأمور إثارة هو تشبيه هذا المرض بحادثة تاريخية شهيرة تعرف بـ”وباء الرقص” الذي ضرب ستراسبورغ عام 1518، حيث أصيب المئات بحركات راقصة غير إرادية استمرت لأيام. هل يعيد التاريخ نفسه؟ أم أن “دينغا دينغا” يحمل سرًا جديدًا؟
رسالة تحذير وأمل
بينما تستمر الأبحاث، تنطلق حملات توعوية لتحذير السكان وتثقيفهم حول الأعراض وأهمية التوجه للمراكز الصحية فور ظهورها. في الوقت نفسه، يبقى الأمل قائماً بأن يتمكن الخبراء من كشف اللغز واحتواء هذا المرض قبل أن يتسع نطاقه.
“دينغا دينغا” ليس مجرد مرض؛ إنه لغزٌ طبي يذكّر العالم بمدى هشاشة حياتنا أمام الأوبئة الغامضة.