من قمة إلى أخرى، تثبت هند زمامة أن العمر مجرد رقم، وأن الشغف لا يشيخ. أمّ، جدة، وسيدة أعمال ، تتسلّق الجبال كما تتسلّق الحياة: بخطى واثقة وقلب لا يعرف المستحيل..
من أعالي جبال إندونيسيا، ترفع المغربية هند زمامة العلم الوطني بكل فخر، بعد أن نجحت في بلوغ قمة لاكارسنتز، واحدة من أصعب القمم السبع في العالم. قمة شاهقة، ومسارات صخرية حادة، وجسور معدنية معلقة تتطلب شجاعة ومهارة، لكنها لم تكن كافية لإيقاف عزيمة امرأة قررت أن تثبت أن الحلم لا يعرف عمرًا ولا حدودًا.
بهذا الإنجاز، تضيف هند قمتها الخامسة إلى سجلها المذهل ضمن تحدي القمم السبع، الذي يُعد من أبرز الإنجازات في عالم تسلق الجبال، بعد أن سبق لها تسلق كيلمنجارو (تنزانيا)، أكونكاغوا (الأرجنتين)، إلبروز (روسيا)، وإيفرست (نيبال). وكل قمة كانت بالنسبة لها خطوة جديدة في رحلة اكتشاف الذات، ودليلًا على أن الإرادة قادرة على بلوغ أعلى القمم.

ما يجعل قصة هند زمامة أكثر تفرّدًا هو أنها أم وجدة ورائدة أعمال في الوقت نفسه. امرأة تعيش أدوارها كلها بتوازن رائع بين الأسرة والعمل والشغف. وقد بدأت رحلتها مع الجبال صدفة، بعد أن شاهدت برنامجًا تلفزيونيًا عن مغامري القمم العالية. تقول إنها حينها شعرت بشيء يتحرك بداخلها… رغبة في التحدي، في الخروج من المألوف، وفي اختبار القوة الداخلية.
كانت البداية من قمة توبقال، الأعلى في شمال إفريقيا، وهناك اكتشفت أن التسلق ليس فقط مجهودًا جسديًا، بل رحلة روحية وتنظيم داخلي يمنحك وضوحًا وثقة لا مثيل لهما.
قمة لاكارسنتز لم تكن سهلة. فهي تتطلب تسلقًا شاقًا وسط مناخ استوائي رطب، وأمطار يومية تجعل الصخور زلقة، ومسارات ضيقة بين الهاويات. ومع ذلك، وصلت هند إلى القمة بابتسامة المنتصرين.
وفي رسالتها للنساء، قالت بصدق جميل:“ليس ضرورياً أن يكون حلمك هو تسلق الجبال. المهم أن تحلمي، وأن تفعلي ما تحبين. رتّبن حياتكن: مكان للأسرة، مكان للشغف، ومكان للعمل… يمكن التوفيق بين كل شيء.”
بهذه الكلمات، تلخّص هند زمامة فلسفتها في الحياة. فهي لا تتسلق الجبال فقط، بل تهدم الحواجز التي يضعها المجتمع أمام المرأة. من قمة إلى أخرى، تبرهن أن النجاح لا يُقاس بالعمر أو بالظروف، بل بالإصرار والإيمان بالذات.
بهذا الإنجاز الجديد، تواصل هند زمامة كتابة فصل جديد في حكاية المرأة المغربية القوية، تلك التي تصعد القمم العالية بقدميها، وتحمل في قلبها قممًا أعلى من الطموح والإلهام..
