نظّمت هيئة أطباء الأسنان الوطنية، يوم الثلاثاء 15 يوليوز الجاري ، ندوة صحفية بمدينة الدار البيضاء، بهدف التنبيه إلى مخاطر المزاولة غير القانونية لمهنة طب الأسنان في المغرب، وتسليط الضوء على الانعكاسات الخطيرة لهذه الظاهرة التي تشهد استفحالاً مقلقاً، في ظل فراغ تشريعي وصمت تنظيمي يُثير القلق داخل الأوساط المهنية والطبية.

فوضى الممارسة العشوائية أمام صمت القانون
تأتي هذه الندوة في سياق سياسي وطني يركّز على محاربة كافة أشكال العشوائية، تزامناً مع الاستحقاقات الوطنية المقبلة، وفي ظل محاولات بعض الجهات تمرير تكوينات تقنية غير مرخص لها، من شأنها شرعنة المزاولة غير المشروعة، ما يُهدد مستقبل مهنة طب الأسنان، وسلامة المواطن المغربي، ويُسيء لصورة المملكة كوجهة آمنة للسياحة الطبية في إفريقيا والمنطقة.

حضور وازن ونقاشات صادمة
اللقاء شهد مشاركة واسعة لممثلي وسائل الإعلام، وأطباء الأسنان، وأساتذة جامعيين، وطلبة كليات الطب، وممثلي الفيدرالية الوطنية لنقابات أطباء الأسنان، إلى جانب جمعيات علمية ومجتمعية. وجرى خلاله عرض شهادات مؤثرة لضحايا الممارسات غير القانونية، منها حالات وفاة بسبب تخدير عشوائي، وتشوهات وتعفنات ناجمة عن تركيبات خاطئة داخل محلات لا تحترم شروط السلامة الصحية.

انعكاسات إنسانية وصحية واقتصادية جسيمة
حذّر المشاركون من أن هذه الممارسات لا تُهدد الصحة العامة فحسب، بل تُكبّد المنظومة الصحية والمواطنين والدولة كلفة مالية باهظة، في ظل تنامي الإصابة بأمراض خطيرة مثل السيدا والتهاب الكبد الفيروسي والسل، والتي قد تنتقل بسهولة في بيئات غير معقمة، خارج أي رقابة طبية مؤهلة.
مهنة منظمة لا يُمكن تبسيطها أو تحويرها
ذكّرت الهيئة بأن ممارسة طب الأسنان تستلزم تكوينا أكاديميا صارما يمتد لست سنوات، ويتضمن تداريب سريرية وتخصصات دقيقة، مع مواكبة مستمرة للتطورات العلمية. وأكدت أن أي تكوين تقني محدود لا يمكنه تعويض هذا التأهيل، ما يجعل المزاولة غير القانونية جريمة صحية تمسّ حياة الناس وتُخالف أخلاقيات المهنة والقانون.

توصيات عاجلة وتأكيد على احترام القانون
دعت الهيئة إلى الإسراع في تفعيل الآليات القانونية لردع هذه الظاهرة، خصوصا عبر تمرير مشروع القانون 25.14 في مجلس المستشارين، وتكثيف المراقبة الميدانية لمحلات ما يُعرف بـ”صانعي رمامات الأسنان”، التي تُمارس أعمالا طبية دون ترخيص، وتُشكل خطرا حقيقيا على سلامة المواطنين، خصوصاً الفئات الهشة.
الرهان على الإصلاح الملكي والعدالة الصحية
الندوة جاءت في سياق الورش الملكي الطموح الذي أطلقه صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، لإصلاح قطاع الصحة وتوسيع التغطية الصحية، وتحقيق عدالة صحية فعلية. كما أشارت الهيئة إلى المجهودات المبذولة لإحداث أكثر من عشر كليات لطب الأسنان، بهدف تلبية حاجيات البلاد من الأطر الطبية المؤهلة خلال السنوات المقبلة.

في ختام الندوة، شددت هيئة أطباء الأسنان الوطنية على ضرورة تحمل جميع الأطراف لمسؤولياتهم القانونية والأخلاقية، والتصدي بحزم للممارسات العشوائية التي تسيء للمهنة، وتُقوّض ثقة المواطنين في المنظومة الصحية. كما دعت إلى تضافر الجهود بين المهنيين والسلطات لضمان مهنة آمنة، منضبطة، ومُحصّنة ضد التجاوزات التي قد تكلّف الأرواح.
