تمكن أطباء في الولايات المتحدة من علاج جنين مصاب بمرض ضمور العضلات الشوكي (SMA) قبل ولادته في إنجاز طبي غير مسبوق . هذه الخطوة التاريخية تفتح باب الأمل أمام آلاف الأسر التي تواجه أمراضًا وراثية مميتة.
ما هو ضمور العضلات الشوكي؟
ضمور العضلات الشوكي هو مرض وراثي نادر وخطير، ينتج عن خلل في جين SMN1، مما يؤدي إلى ضعف تدريجي في العضلات بسبب تلف الخلايا العصبية الحركية.
النوع الأول من هذا المرض هو الأكثر شدة، وغالبًا ما يسبب الوفاة في سن مبكرة جدًا، عادة قبل عمر السنتين، نتيجة فشل في التنفس.
التشخيص المبكر قد ينقذ حياتك
في هذه الحالة الفريدة، أظهرت الفحوصات الجينية أثناء الحمل أن الجنين مصاب بالنوع الأول من ضمور العضلات الشوكي. ولأن الوالدين كانا قد فقدا طفلًا سابقًا بسبب هذا المرض، فقد سعيا مع الأطباء للحصول على إذن خاص من إدارة الغذاء والدواء الأميركية (FDA) لتجريب علاج مبكر داخل الرحم.
العلاج عن طريق الأم
تمت الموافقة على استخدام دواء ريسديبلام (Evrysdi)، وهو دواء يؤخذ عن طريق الفم، يعزز إنتاج بروتين أساسي لحماية الخلايا العصبية.
بدأت الأم في تناول الدواء يوميًا خلال الأسابيع الستة الأخيرة من الحمل، وهي مرحلة حرجة في تطور عضلات وأعصاب الجنين.
تمكّن الدواء من الوصول إلى الجنين عبر الحبل السري والسائل الأمنيوسي. وبعد الولادة، استمر الطفل في تلقي الدواء بانتظام.
النتيجة: طفل سليم بعد عامين ونصف
اليوم، يبلغ عمر الطفل عامين ونصف، ويتمتع بصحة جيدة تمامًا، دون ظهور أي أعراض تدل على وجود ضمور عضلي. وهي نتيجة تعد سابقة في تاريخ الطب، وتؤكد أن التدخل المبكر قد يُنقذ الحياة فعليًا.
تقرؤون أيضا : شلل الوجه النصفي… حين يُغلق النصف الآخر من الابتسامة
كيف يعمل الدواء؟
دواء ريسديبلام يعالج سبب المرض عبر تعزيز إنتاج بروتين SMN الحيوي. ويعد هذا البروتين ضروريًا لبقاء الخلايا العصبية التي تتحكم في حركة العضلات.
وقد أثبتت الدراسات أن إعطاء الدواء مبكرًا يزيد من فرص تطور الطفل بشكل طبيعي، بما في ذلك القدرة على البلع، الجلوس، الوقوف والمشي دون الحاجة إلى تنفس اصطناعي دائم.
هل تصبح هذه التقنية معيارًا في المستقبل؟
رغم أن نتائج هذه الحالة لا يمكن تعميمها بعد، إلا أنها تفتح آفاقًا مهمة للتفكير في إمكانية علاج أمراض وراثية أخرى في المراحل المبكرة من الحمل.
يقول الأطباء إن هذه الحالة تدعو للتفاؤل، ولكنها بحاجة إلى المزيد من الدراسات والتجارب السريرية لتصبح إجراءً طبيًا معتمدًا.
في الختام هذا الإنجاز لا يمثل فقط نقلة نوعية في تاريخ الطب، بل يضع حجر الأساس لثورة قادمة في العلاج الجيني، حيث يمكن للطب أن يتدخل في الحياة قبل أن تبدأ رسميًا.
إنها قصة ولادة جديدة للأمل… من رحم العلم