كشفت أبحاث طبية جديدة عن علاقة مقلقة بين أمراض اللثة وصحة الدماغ، مشيرة إلى أن إهمال العناية بالفم قد يرتبط بزيادة خطر الإصابة بالسكتة الدماغية ومشكلات الأوعية الدموية الدقيقة.
من الفم إلى الدماغ: مسار خفي للالتهاب
أظهرت نتائج دراستين نُشرتا حديثًا أن الإصابة بأمراض اللثة أو تسوس الأسنان قد ترفع احتمال الإصابة بالسكتة الدماغية بنسبة تصل إلى 86٪، في حين أن العناية المنتظمة بالفم يمكن أن تخفّض هذا الخطر بما يقارب 81٪.
ويفسر الباحثون ذلك بأن الالتهابات المزمنة الناجمة عن أمراض اللثة قد تُطلق مواد التهابية في مجرى الدم، تؤثر على الأوعية الدقيقة في الدماغ وتضعف مرونتها، ما يجعلها أكثر عرضة للتلف أو الانسداد.
تحذير من تفاقم الخطر عند اجتماع أمراض الفم
الدكتور سوفينغ سين، أستاذ علم الأعصاب في جامعة ساوث كارولاينا والمشرف على الدراستين، أوضح أن مرض اللثة المزمن يُعدّ عاملًا مساعدًا على تصلب الشرايين، وهو بدوره أحد الأسباب الرئيسية للسكتة الدماغية وأمراض القلب.
وأشار إلى أن اجتماع التهاب اللثة مع تسوس الأسنان يضاعف من احتمالية الخطر، لأن العدوى الفموية المزمنة تُبقي الجسم في حالة التهابية مستمرة تؤثر سلبًا في الجهاز العصبي والأوعية الدموية الدقيقة.
ارتباط لا يعني بالضرورة سببية
ورغم أن الأبحاث لم تثبت علاقة سببية مباشرة بين أمراض الفم والسكتة الدماغية، إلا أن الأدلة المتزايدة تشير إلى وجود ارتباط قوي بين الحالتين. ويرى الأطباء أن الحفاظ على صحة الفم قد يكون وسيلة غير مباشرة لتقليل خطر الجلطات الدماغية ومضاعفاتها.
العناية اليومية بالفم.. وقاية تتجاوز الابتسامة
ينصح الخبراء بالمداومة على تنظيف الأسنان مرتين يوميًا بمعجون يحتوي على الفلورايد، واستخدام الخيط الطبي لإزالة بقايا الطعام بين الأسنان، إلى جانب زيارة طبيب الأسنان بانتظام كل ستة أشهر.
كما يؤكدون أن الإقلاع عن التدخين وتخفيف استهلاك السكريات خطوة أساسية للحفاظ على صحة اللثة، وبالتالي حماية القلب والدماغ في الوقت نفسه.
تكشف هذه الدراسات أن صحة الفم ترتبط ارتباطًا وثيقًا بصحة الدماغ، وأن العناية اليومية البسيطة بالأسنان قد تشكل درعًا وقائيًا ضد أمراض خطيرة. فابتسامة صحية ليست فقط دليلًا على جمال الفم، بل مؤشر على توازن الجسد والعقل معًا.