كشفت دراسة أمريكية حديثة جانبًا دقيقًا من تأثير الحالة النفسية للأم على طفلها، إذ أثبت الباحثون وجود علاقة بين ارتفاع مستويات التوتر أثناء الحمل وتسارع بزوغ الأسنان اللبنية لدى الرضيع. وجاءت هذه النتيجة عقب متابعة شملت 142 امرأة خضعن لرصد هرمونات التوتر في مراحل متقدمة من الحمل، بينما جرى تقييم أطفالهن خلال الأشهر الأولى من حياتهم.
ملامح دراسة تناولت تسنين الرضع
أجرى فريق علمي متخصص تحليلًا لمستويات الكورتيزول – الهرمون المرتبط بالضغط النفسي – اعتمادًا على عينات من لعاب الأمهات. وعند بلوغ الأطفال عمر ستة أشهر، لاحظ الباحثون أن الرضع الذين كانت أمهاتهم يتمتعن بمستويات مرتفعة من الكورتيزول أظهروا أربع أسنان إضافية مقارنة بأقرانهم.
هذه النتيجة أكدت أن تأثير التوتر لم يقتصر على الأم وحدها، بل امتدّ ليطال نمو الجنين ومراحل تشكُّل أعضائه.
كيف أثّر التوتر في تكوين الأسنان؟
رجّح العلماء أن التوتر أثّر في استقلاب المعادن الأساسية داخل جسم الجنين، خصوصًا:
• الكالسيوم المسؤول عن بناء العظام والأسنان،
• فيتامين “د” الذي يساعد على امتصاصه.
وبيّن المتخصصون أن ارتفاع الكورتيزول قد تداخل مع هذه العملية الحيوية، ما أدى إلى تسريع تشكُّل الأسنان وظهورها مبكرًا عن المعدل المعتاد.
هل كان التسنين المبكر مؤشرًا مقلقًا؟
لا يمثّل التسنين المبكر خطرًا مباشرًا، لكنه شكّل إشارة بيولوجية تستدعي الانتباه. فظهور الأسنان قبل وقتها قد عكس:
• تأثيرات بيئية أو نفسية سابقة،
• أو حاجة الطفل لمتابعة دورية للتأكد من سلامة نموه الفموي.
ورغم قوة النتائج، دعا الباحثون إلى توسيع نطاق الدراسات للتأكد من تأثير التوتر على الصحة طويلة الأمد.
دروس للأمهات: الهدوء رعاية… قبل الولادة
ولأن الدراسة أكدت وجود رابط واضح بين نفسية الأم ونمو طفلها، برزت أهمية العناية بالحالة الذهنية خلال الحمل. وقد ساعدت خطوات بسيطة الكثير من الحوامل على تخفيف التوتر، مثل:
• تخصيص وقت يومي للاسترخاء،
• الحفاظ على نوم كافٍ،
• طلب الدعم عند الحاجة،
• متابعة مختص في حال استمرار الضغوط.
أظهرت هذه الدراسة أن الصحة النفسية للأم جزء أساسي من صحة الجنين، وأن التوتر خلال الحمل قد يترك أثرًا مبكرًا يظهر حتى على تفاصيل صغيرة مثل توقيت بزوغ الأسنان. إنها تذكير بأن رعاية الأم لذاتها لم تكن رفاهية، بل خطوة أساسية لصحة طفلها منذ اللحظة الأولى.