تُعدّ السمنة اليوم من أبرز التحديات الصحية في العالم، بعدما ارتفعت معدلاتها بشكل لافت خلال العقود الأخيرة. ولم تعد زيادة الوزن مسألة جمالية، بل تحوّلت إلى مرض مزمن يؤثر في صحة الفرد الجسدية والنفسية، ويقلّص من جودة الحياة، فضلًا عن كلفته العالية على أنظمة الرعاية الصحية.
أرقام تعكس اتساع الظاهرة
تكشف معطيات منظمة الصحة العالمية أن شخصًا واحدًا من كل ثمانية أشخاص يعاني من السمنة، فيما يُقدَّر عدد البالغين المصابين بزيادة الوزن بنحو 2.5 مليار شخص، من بينهم حوالي 890 مليون مصاب بالسمنة. كما تجاوز عدد الأطفال والمراهقين الذين يعانون من الوزن الزائد أو السمنة 390 مليونًا، وهو ما يؤكد أن المشكلة لم تعد حكرًا على فئة عمرية أو منطقة جغرافية بعينها.
لماذا تنتشر السمنة؟
يربط المختصون تفاقم السمنة بتداخل عدة عوامل، من أهمها:
- النمط الغذائي غير الصحي: الإكثار من الوجبات السريعة والأطعمة المصنعة الغنية بالدهون والسكريات.
- الخمول البدني: قلة الحركة والجلوس لفترات طويلة بسبب طبيعة العمل أو استخدام الشاشات.
- عوامل بيولوجية ونفسية: مثل الاستعداد الوراثي، واضطرابات الهرمونات، والتوتر والضغط النفسي، التي تؤثر في الشهية وآليات حرق الدهون.
مضاعفات صحية لا يُستهان بها
تُعدّ السمنة عامل خطر رئيسيًا للإصابة بالسكري من النوع الثاني، وأمراض القلب والشرايين، وارتفاع ضغط الدم، إضافة إلى بعض أنواع السرطان واضطرابات الكبد والكلى. كما ترتبط بمشاكل نفسية مثل القلق وانخفاض تقدير الذات، ما يزيد من تعقيد التعامل معها.
خطوات عملية لإنقاص الوزن
رغم خطورة السمنة، فإن التحكم فيها ممكن من خلال تغييرات بسيطة ومستدامة في نمط الحياة، من بينها:
- اعتماد تغذية متوازنة: الإكثار من الخضار والفواكه والحبوب الكاملة، واختيار مصادر بروتين صحية.
- الحرص على شرب الماء: يساعد شرب الماء بانتظام، خصوصًا قبل الوجبات، على ضبط الشهية.
- ممارسة النشاط البدني: يكفي تخصيص 30 دقيقة يوميًا للمشي أو أي نشاط بدني معتدل.
- تنظيم كميات الطعام: تناول الوجبات ببطء والتحكم في حجم الحصص.
- الحد من الأطعمة المصنعة: تقليل الوجبات السريعة والاعتماد على الطبخ المنزلي.
- النوم الكافي: النوم الجيد يساهم في توازن هرمونات الجوع والشبع.
- تبنّي عادات يومية نشطة: مثل صعود الدرج والمشي لمسافات قصيرة بدل استخدام السيارة.
- الدعم والمتابعة: الاستعانة بأخصائي تغذية أو طلب الدعم من المحيط الاجتماعي عند الحاجة.
الوقاية تبدأ اليوم
تشير الأبحاث إلى أن الوقاية من السمنة أكثر فاعلية من علاج مضاعفاتها. فتبنّي نمط حياة صحي منذ وقت مبكر، قائم على التغذية السليمة والنشاط البدني المنتظم، يشكّل خطوة أساسية للحد من انتشار السمنة وحماية الصحة على المدى الطويل