تعاني الكثير من السيدات من آلام الرقبة، التي تدوم لساعات أو أيام أو أسابيع حتى تصبح أوجاعا مزمنة، وترجع أسباب تلك الآلام إلى الجلوس الخاطئ، وضعية النوم غير الصحيحة، الجلوس لساعات أمام الكومبيوتر أو ممارسة الرياضة بشكل خاطئ. “لالة فاطمة” التقت عثمان الصوافي، أخصائي في الترويض الطبي والعلاج الفيزيائي، ليزودنا بأهم النصائح والإرشادات لأوجاع الرقبة.
ما هي العوامل التي تنتج عنها آلام الرقبة؟
إن الرقبة تحمل الرأس وتبقيه على استقامة واحدة مع الجسم، وهي الجزء الأعلى من العمود الفقري، كما تحمي في داخلها النخاع الشوكي وتحمل العضلات والمفاصل، تربط هذه الأخيرة ما بين الفقرات وتسمح لها بالحركة الانسيابية. وهذه الفقرات العنقية (vertèbres cervicales) هي فقرات ذات أحجام صغيرة، وتعتبر الأكثر حركية مقارنة بباقي فقرات العمود الفقري، وتتكون من سبع فقرات تختلف في أحجامها وأشكالها. ونجد بين كل فقرة وأخرى، الغضروف (cartilage) الذي يفصل بين فقرات العمود الفقري ويخفف من اصطدامها واحتكاكها أثناء الحركة، ما يمنع الإحساس بالألم لأنه أي تماس بين الفقرات وبين العظام بشكل عام هو مصدر لآلام شديدة.
تخرج الأعصاب من النخاع الشوكي من بين الفقرات، وتحمل هذه الأعصاب إشارات من الدماغ إلى بقية أنحاء الجسم، وهي تسمح للدماغ بالسيطرة على حركات الجسم، مثل حركات الذراع… ويعتبر أي تشوه في تموضع الفقرات بسبب اصطدام أو غيره مصدر لآلام جد شديدة بسبب تمدد الأعصاب واحتكاكها وهو ما قد ينتج عنه أيضا اضطراب في الحركة وفي الحساسية (sensibilité).
أما عن عضلات الرقبة فهي تتصل بعظام الكتفين والعمود الفقري والقفص الصدري والرأس، وتسمح هذه العضلات للرأس بالدوران من جانب إلى آخر، كما تسمح هذه العضلات للرقبة بالانحناء إلى الأمام والخلف، كما يمكن للرقبة أن تميل من جانب إلى جانب آخر. ويسمى مقدار حركة المفصل مجال الحركة، علما أن معظم حركات الرقبة هي دمج من كل الحركات، أي دمج للدوران والإنحناء والميلان. إلا أنه في أحوال عدة ما نحس بآلام في الرقبة، تختلف شدتها وأسبابها وعلاجها وحتى طرق الوقاية منها.
ما هي أسبابها وأعراضها؟
عندما نلقي نظرة جانبية على العمود الفقري، نجد أن هذا الأخير ليس في وضع مستو كما يظن البعض، بل يتشكل من خلال تقوسات مرة إلى الداخل وأخرى إلى الخارج، ففقرات الرقبة مقعرة في اتجاه الجسم، هذه التقوسات تعتبر طبيعية و وظيفية، بل إن أي عمود فقري بدون تقوسات فهو مرضي ويقتضي الأمر علاج طويل المدى. وما يجب أن نعلمه جيدا وهو أن الوضعيات الغير السليمة التي نتبناها هي ما يزيد من تقوس العمود الفقري، وعندما تزيد هذه التقوسات عن حدها يكون هذا هو السبب في آلام عدة لطالما أرقت وعذبت العديد منا، فأي تشوه وأي تقوس في استقامة الرقبة يكون له تأثير على تموضع الفقرات ويكون مصدر للألم، خصوصا عندما تطول مدة تبنينا لوضعيات مشوهة. صحيح أن هذه الآلام تزول بعد تعديل شكل أجسادنا، إلا أن الخطير في الأمر وهو ما يجهله الكثير، أن هذه الوضعيات قد تسبب لنا إلتهابات في العظام والمفاصل، حينها لن ينفع تعديل شكل أجسادنا فسنكون مع آلام وجب التعايش معها بسبب تآكل الغضروف وبداية الفقرات في التماس بعضها ببعض.
كما أن بعض الحركات الخاطئة وغير المتوقعة قد تحدث تشنجات في عضلات الرقبة وعجز عن القيام بحركات اعتيادية وبسيطة وهو ما قد يكون سببا في آلام على مستوى العنق. فاتخاذ وضعية مشوهة للرقبة خلال النوم مثلا قد يتسبب في تشنجات عضلية تثبت العنق في وضعية معينة، وأي محاولة لتحريك العنق ترفقها آلام جد شديدة.
ما هي الطرق الصحيحة للجلوس والنوم لمرضى آلام الرقبة؟
-عند الجلوس على المكتب خصوصا عند الكتابة والقراءة، يجب تقريب الكرسي من المكتب وتثبيت علوه على مستوى يمكننا من الجلوس والقراءة والكتابة في استقامة.
-عند استعمال الحاسوب كذلك يجب الجلوس في هيئة مستوية للرقبة، بحيث يكون مستوى الشاشة في نفس مستوى النظر.
-يجب الحرص على استقامة الرقبة في أي موضع آخر قد يحتم علينا تقوسا للرقبة.
-يجب تجنب الحركات السريعة والخاطئة في دوران العنق لتجنب أي تشنجات مسببة للألم.
-ننصح دائما كأخصائيين في الترويض الطبي دائما بالنوم على فراش صلب فأي فراش يصير مقعرا بجسدنا أثناء النوم له تأثير سلبي على العمود الفقري بتشويه استقامته، وهو سبب آلام الظهر التي يحس بها البعض منا عند الاستيقاظ، لذا يجب اتخاذ فراش صلب للنوم والحرص على اختيار وسادة مناسبة تعمل على استمرار استقامة الرقبة مع العمود الفقري، ليست بالعالية ولا المنخفضة.
-كما ننصح بتمارين رياضية وذلك بالعمل على تحريك الرقبة في كل الاتجاهات، وبتقوية عضلاتها وذلك بإحداث مقاومة تدريجية لكل حركة من حركاتها.
- وفي الأخير لنتذكر دائما وأبدا أن أي مرض وأي إحساس بالألم يختلف باختلاف عوامل عدة، فطرق العلاج والوقاية تختلف من شخص لآخر حسب سن المريض بل وحتى حسب الجنس و المحيط والوظيفة. لهذا يجب على كل من بدأ يحس بآلام ومعاناة على مستوى الرقبة، أن يسارع لإجراء فحوصات طبية والمداومة على حصص في الترويض الطبي والعلاج الحركي.
موضع لوحة المفاتيح يخفف آلام الرقبة
ينصح خبراء ومتخصصون موظفي المكاتب، الذين يعانون من آلام بالرقبة بسبب الجلوس فترات طويلة أمام شاشات الحواسيب، بتعديل وضع لوحة المفاتيح، بحيث لا تبتعد عن حافة المكتب أكثر من 5 إلى 7 سنتيمترات.
وقال خبير بيئة العمل الصحية في المعهد الاتحادي للسلامة والصحة المهنية بمدينة دورتموند الألمانية لارس أدولف إن عضلات الرقبة تتمتع باسترخاء تام عندما تكون أذرع الموظف منثنيه بشدة على لوحة المفاتيح.
وشدد أدولف على أهمية أن تكون الفأرة كذلك قريبة من حافة المكتب قدر الإمكان، وأن لا تكون موضوعة مثلاً في منتصف سطح المكتب.
وإذا لم يجد تغيير وضع لوحة المفاتيح والفارة نفعاً للتخفيف من آلام الرقبة، ينصح أدولف بمراجعة وضع شاشة الحاسوب قائلاً “يجب أن يكون منتصف شاشة الحاسوب عند مستوى الصدر تقريباً”.
ونصح بأهمية أن تكون العينان في مستوى أعلى من الحافة العلوية لشاشة الحاسوب عندما ينظر الموظف في خط مستقيم.