كشفت نتائج دراسة علمية حديثة نشرت في دورية Neurology بتاريخ 17 ديسمبر عن وجود ارتباط بين تناول منتجات الألبان عالية الدسم، وتحديداً الجبن والقشدة، وانخفاض خطر الإصابة بالخرف على المدى الطويل. وتأتي هذه النتائج لتقدم رؤية جديدة حول دور الدهون الغذائية في الحفاظ على الصحة الإدراكية لدى البالغين.
تفاصيل البحث العلمي وتصميم الدراسة
أشرف الباحث يوفينج دو (Yufeng Du) وفريقه من جامعة لانتشو في الصين على تحليل بيانات ضخمة استمدت من دراسة “مالمو” للحمية والسرطان في السويد. تميزت الدراسة بمنهجية بحثية دقيقة شملت:
- العينة: 27,670 مشاركاً من البالغين بمتوسط عمر يبلغ 58 عاماً.
- مدة المتابعة: استمر تتبع الحالة الصحية للمشاركين لمدة ناهزت الـ 25 عاماً.
- أدوات القياس: اعتمدت الدراسة على تسجيل دقيق للوجبات المتناولة على مدار أسبوع. بالإضافة إلى استبيانات ومقابلات شخصية لتقييم الأنماط الغذائية السابقة.
خلال فترة المتابعة الطويلة، سجلت 3,208 حالات إصابة بالخرف بين المشاركين. مما أتاح للباحثين بيئة تحليلية قوية لمقارنة الأنماط الغذائية بفرص الإصابة.
النتائج الرئيسية: تفوق المنتجات كاملة الدسم
أظهرت البيانات تبايناً واضحاً في تأثير نوعية منتجات الألبان على صحة الدماغ، حيث برزت الدهون الطبيعية كعامل وقائي محتمل:
- الجبن عالي الدهون: المشاركون الذين استهلكوا 50 غراماً أو أكثر يومياً (ما يعادل شريحتين تقريباً) أظهروا انخفاضاً في خطر الإصابة بكافة أنواع الخرف بنسبة 13% مقارنة بمن تناولوا أقل من 15 غراماً.
- الخرف الوعائي: سجل مستهلكو الجبن عالي الدهون انخفاضاً لافتاً بنسبة 29% في مخاطر الإصابة بالخرف الوعائي تحديداً.
- القشدة عالية الدهون: ارتبط تناول 20 غراماً أو أكثر يومياً (حوالي ملعقة كبيرة ونصف) بانخفاض خطر الخرف بنسبة 16%.
- منتجات الألبان منخفضة الدهون: لم تظهر الألبان أو الأجبان قليلة الدسم أي ارتباط إحصائي واضح بتقليل مخاطر الإصابة، مما يشير إلى أن الفائدة قد تكمن في المكونات الدهنية ذاتها.
قراءة في دلالات الدراسة
رغم النتائج الإيجابية، يشدد الخبراء على ضرورة قراءة هذه الدراسة في سياقها العلمي الصحيح:
الدراسة تشير إلى علاقة ارتباطية وليس سببية؛ بمعنى أنها ترصد نمطاً صحياً لدى مستهلكي هذه الدهون. لكنها لا تثبت بشكل قاطع أن الجبن أو القشدة هما السبب المباشر الوحيد للوقاية.
ويرجح الباحثون وأخصائيو التغذية أن هذه النتائج تستدعي إجراء بحوث إضافية لفهم الآليات الحيوية الكامنة، وما إذا كان التأثير يعود إلى أحماض دهنية معينة أو مغذيات دقيقة تتواجد في هذه المنتجات، أو ما إذا كان مستهلكو هذه الأطعمة يتبعون أنماط حياة أخرى تساهم في حماية خلاياهم العصبية.
تظل هذه الدراسة إضافة هامة في حقل التغذية العصبية، حيث تفتح الباب أمام إعادة تقييم التوصيات الغذائية المتعلقة بالدهون الطبيعية ودورها في مواجهة أمراض الشيخوخة الإدراكية..