لا يحتاج القلب إلى كلمات ليعبّر عن معاناته، فالجسد يتحدث بلغته الخاصة. وأول من يطلق النداء الصامت هما القدمين؛ فحين تصيران باردتين، متورمتين، أو تتبدّل لونهما، فذلك ليس دائمًا أمرًا عابرًا، بل قد يكون إنذارًا مبكرًا لضعف في الدورة الدموية أو القلب.
حين تتكلم الأقدام
يُهمل كثيرون العلامات البسيطة التي يرسلها الجسم، مكتفين بتفسيرها بالإرهاق أو الوقوف الطويل، غير مدركين أنها قد تخفي وراءها مشكلة أعمق. فالجهاز القلبي الوعائي هو محرك الحياة، وأي خلل فيه ينعكس سريعًا على الأطراف السفلية.
أوردة متعرجة وتورم ظاهر
ظهور أوردة زرقاء أو منتفخة في الساقين يعرف بالدوالي، وهي دليل على ضعف في صمامات الأوردة المسؤولة عن عودة الدم إلى القلب. ومع مرور الوقت، يزداد الشعور بالثقل والألم، وقد تتحول الحالة إلى مرض وريدي مزمن إن لم تعالج.
أما تورم الكاحلين أو القدمين فقد يشير إلى تباطؤ في الدورة الدموية أو ارتفاع في الضغط الوريدي، وهي إشارة لا يجب تجاهلها، خصوصًا إن كانت تصيب الجانبين معًا أو تتكرر من دون سبب واضح.
تقرؤون أيضا : لا تستهِن بألم الساق.. قد يكون علامة على مرض في القلب
برودة، شحوب وألم عند المشي
حين تصبح القدم باردة وشاحبة، ويترافق ذلك مع ألم أو تشنج أثناء المشي، فالأمر يرتبط غالبًا بضعف تدفق الدم إلى الأطراف بسبب تضيق الشرايين. إنها إشارة صامتة إلى أن القلب والدورة الدموية يواجهان تحديًا حقيقيًا يستحق الفحص الفوري.
ساق واحدة حمراء ومتورمة
الحرارة أو الاحمرار أو الانتفاخ في ساق واحدة فقط قد يعكس وجود جلطة في الأوردة العميقة، وهي حالة خطيرة تتطلب تدخلًا عاجلًا، إذ يمكن أن تنتقل الجلطة نحو الرئتين مسببة مضاعفات قاتلة.
جروح لا تلتئم
حين تتأخر الجروح أو القروح في أصابع القدمين أو الكاحلين عن الالتئام، فذلك دليل على ضعف التروية الدموية. نقص الأوكسجين في الأنسجة يمنعها من الشفاء السريع، ومع الوقت قد يتطور الأمر إلى تقرحات مزمنة أو حتى غرغرينا.
الجسد لا يكذب. فكل تغير في حرارته أو لونه أو إحساسه هو رسالة تستحق الإصغاء. الأقدام — التي تحملنا كل يوم — كثيرًا ما تكون أول من يعلن عن تعب القلب أو قصور الأوعية الدموية.
الوقاية هنا تبدأ بالانتباه إلى التفاصيل الصغيرة: تورم غير مبرر، برودة متكررة، أو ألم متصاعد مع الحركة. فزيارة الطبيب في الوقت المناسب قد تمنع مرضًا كبيرًا من التفاقم بصمت.
القلب لا يوجع وحده… بل يرسل إشاراته عبر الجسد، وغالبًا عبر الأقدام.
تجاهلها يعني منح المرض فرصة ليترسخ، أما ملاحظتها في وقتها فربما تكون الخطوة الأولى نحو إنقاذ القلب نفسه.