يقول يوسف معضور، باحث في علم الاجتماع يعتبر الحنين إلى الماضي حالة نفسية ذهنية إيجابية يعيشها الإنسان، تجعله يتذكر مجموعة من المحطات في حياته، ساهمت مجموعة الروابط النفسية في خلقها، مثلا كأن يستمع إلى موسيقى معينة كان قد استمع إليها سابقا في سياق معين تعيده مباشرة إلى تذكر بعض التفاصيل المرتبطة بذلك السياق.
والحنين إلى العزوبية بالنسبة للأزواج يحدث بطبيعة الحال عند تعرض الزوج أو الزوجة لضغوطات الحياة الزوجية، ومواجهة مجموعة من التغييرات التي يفرضها الزواج كمؤسسة اجتماعية مبنية على مجموعة من الضوابط والمسؤوليات المشتركة، وكمحطة حياة تحدث فيها مجموعة من التغييرات، وتبرز فيها سلوكيات ويظهر فيها نمط عيش جديد، بخلاف مرحلة العزوبية التي تتميز بعدم المسؤولية وبنمط عيش متحرر شيئا ما وبدون قيود والتزامات.
تتراكم الضغوطات النفسية الناتجة عن بعض الخلافات والنقاشات الحادة بين الزوجين، التي قد تكون مرتبطة بالمشاكل المادية، والتي تؤدي فيما بعد إلى اللااستقرار، مما يجعل كل طرف يحس بالندم والحسرة، وتهرب به ذاكرته أوتوماتيكيا إلى الحنين إلى الماضي، وتحديدا إلى أجمل أيام العزوبية، التي كانت تتسم بهامش كبير من الحرية والاستقلالية، وهذا الحنين ربما يتعرض له الرجل أكثر من المرأة التي تخضع للواقع وقليلا ما تعترض عليه.
أعتقد أنه عندما نسعى إلى تحقيق علاقة زواج كغاية وهدف، أي بمعنى الزواج من أجل الزواج فقط، بهدف تغيير الحالة الاجتماعية من عازب (ة) إلى متزوج (ة)، يتحول الزواج في هذه حالة إلى “توقف اضطراري” لمجموعة من الأشياء من المفترض أن نواصل عيشها أو نحييها من جديد وبطرق جديدة يبدعها الزوجان، لنصطدم فيما بعد بواقع مرير لا يخلو من المشاكل، والسبب أننا لا نجعل الزواج كوسيلة لتحقيق عيش سعيد بتعبئة مضاعفة!
وتتوقف بالتالي مجموعة من الأنشطة والعادات والممارسات عند أغلب الزيجات الحديثة بالدخول إلى القفص الذهبي، ومن بينها عدم التردد على المقاهي والنوادي والقاعات السينمائية والحفلات والفضاءات الخضراء، والمشاركة في الأسفار الجماعية المنظمة، وتناول وجبة العشاء كلما دعت الضرورة في إحدى المطاعم لتكسير رتابة أجواء البيت، كل هاته الأشياء تتوقف، مع العلم أنها كانت حاضرة في السابق وكأن الزواج تحرم فيه كل هذه الأشياء التي ذكرت، كما يسوقه البعض “حشومة راه حنا مزوجين”، والأصح أنها تخلق نفسا جديدا للعلاقات الزوجية، وتساهم في تحديث المشاعر والأحاسيس وتقويتها بين الزوجين، ولا تسمح بتسرب الملل إلى العلاقة والحنين إلى ماضي العزوبية، ويمكن هنا الحديث عن علاقة زوجية نعيشها بقالب العزوبية بتفاصيلها الأخرى.
يمكن الحديث عن عنصر مهم في العلاقات الزوجية ألا وهو الاستقرار، ومعظم الأزواج عندما يفقدون الاستقرار داخل علاقاتهم الزوجية يتسرب الندم إليهم ولا يستطيعون بعد ذلك أن يتراجعوا عن الارتباط، فيهربون بذاكرتهم إلى الحنين إلى الماضي وأيام العزوبية، ومنهم من يرجع إليها فعليا، ومما يؤثر على علاقته بالطرف الآخر، وذلك بعدم الاهتمام والتجاهل واللامبالاة والخيانة فيما بعد بكل أنواعها.