المراهقة مرحلة من مراحل نمو الإنسان، وهي مرحلة حساسة يصفها الخبراء بمفترق الطريق، فإما أن ينمو المراهق نموا إيجابيا في ظل وجود بيئة داعمة أو نموا سلبيا في غيابها. ذ.مونير لحفاص، مدرب في مهارات التنمية الذاتية والإرشاد التربوي، ومدرب في قضايا الطفولة والمراهقة والعلاقات الزوجية، يقربنا أكثر من هذا الطفل “الكبير” الذي اقترب من النضج الجسمي والعقلي والنفسي والاجتماعي وبات يبحث عن استقلاليته وإثبات ذاته ووجوده.
غالبا ما ننظر للمراهق نظرة سلبية. فماهي آثار هذه النظرة عليه؟
إن عدم الوعي والفهم للمراهقة تجعل المجتمع ينظر إليه هذه النظرة السلبية التي تؤثر في التعامل معه، فهو مصدر المتاعب والمصائب والإزعاج بحيث يشكل مصدر نفور من الوالدين والمدرسين والمجتمع بصفة عامة، وكثيرا ما يحمل عامة الناس صورة المراهق القاصر الذي يتسكع أمام المؤسسات والمدارس باحثا عن التحرش والتغزل بل قد يصفه البعض بالشذوذ، والصورة الذهنية التي يتفق عليها الكبار هي التمرد والصراخ والعناد وإدمان التلفزة والانترنيت وعدم الرغبة في مجالسة العائلة.
لكن هذه الصفات هي واقع نعيشه مع المراهق؟
نعم، في غياب الوعي والفهم نحصل على تلك النظرة السلبية القاصرة والمجحفة في حق المراهق، لأن من يلبس نظارات سوداء لابد أن يرى سوادا بالضرورة اللهم إلا إذا كان ينظر بعقل متنور فاهم ومدرك للأمور. بعض الخصائص تُعرف علميا عند أهل التخصص على أنها طبيعية وتفرضها المرحلة بشكل كبير، والصدامات التي تحدث خاصة بين المراهقين والاباء هي لسبب واحد وهو أن المراهق ينظر إلى نفسه على أنه راشد ويحتاج إلى مساحة كبيرة من الحرية واتخاذ القرار وإثبات الوجود، بينما ينظر الآباء إليه على أنه طفل صغير لازال يحتاج إلى العطف والحنان والدعم والتوجيه، وبما أن الكبار هم الكبار فهم محتاجون إلى معرفة عالم المراهقة ليحولوها من أجواء صراع إلى أجواء متعة عبر امتلاك آليات وأدوات تسهل عليهم بناء علاقة إيجابية معه.
ماذا سيقع في حال عدم بناء هذه العلاقة الايجابية؟
المراهق يستحيل أن يغير سلوكياته السلبية في ظل غياب احتوائه بشكل فعال وتربوي بعيدا عن الضبط أو التدليل الزائدين إذ لا إفراط ولا تفريط، وجوابا على سؤالك، فانعدام بناء العلاقة الايجابية مع المراهق ستجعل الآباء أمام مواجهة قوية من ند عنيد، فتطفو على السطح سلوكيات من قبيل التمرد على القوانين والأنظمة والعادات التي يراها المراهق إرثا رجعيا لا يواكب التطور العصري الحديث ولسان حاله أن هذا زمن الثورة العلمية والمعرفية وليس زمن الظلمات على حد فهمه.
كما أن عدوانيته اتجاه الأشخاص والأشياء ومصاحبتها بالسب والشتم بالألفاظ الساقطة يكون أمرا معتادا لديهم وواقع الحال يصدق هذا المآل، وتتعدى عدوانيته الاخرين إلى ذاته التي يبدأ في كرهها واحتقارها ووصفها بأوصاف قبيحة كل هذا وذاك لعجزه عن التعبير عن ذاته بالشكل الصحيح.