هزت حادثة قتل الشاب جيمي مايزن، البالغ من العمر 16 عامًا، في عام 2008، المجتمع البريطاني بأكمله. جيمي، الذي كان معروفًا بحيويته وتفاؤله، لقي حتفه بشكل مأساوي في مخبز جنوب لندن، بعد أن قام جاك فاهري ، البالغ من العمر حينها 19 عامًا، بإلقاء طبق زجاجي كبير عليه، مما أدى إلى قطع شريان في رقبته ووفاته على الفور.
بعد محاكمة دامت شهورًا، حكم على فاهري بالسجن مدى الحياة مع قضاء 14 عامًا كحد أدنى. بدا أن العدالة أخذت مجراها، لكن القضية عادت لتطفو على السطح مجددًا، وهذه المرة بطريقة أكثر استفزازًا.
من قاتل إلى مغني راب؟
بعد إطلاق سراحه بشروط في يونيو 2023، تبين أن فاهري أصبح مغني راب تحت اسم مستعار “TEN”، وأصدر أغاني تضمنت كلمات يعتقد أنها تشير إلى جريمة القتل التي ارتكبها. هذه كلمات مثل: “شاهدت روح رجل تغادر عينيه… أردت المزيد، مما جعل الأمر أقل خطأً” أثارت غضبًا واسعًا في بريطانيا عامة ، و بين عائلة الضحية خاصة .
العائلة بين الألم والغضب
أعربت مارغريت مايزن، والدة جيمي، عن صدمتها قائلة: “كيف يسمح لشخص كهذا أن يصدر أغاني تحتوي على كلمات مروعة كهذه؟”. وأضافت: “أن يقوم بذلك متخفيًا خلف قناع يظهر جبنه، وأنا لا أريده أن يتحول إلى نوع من المشاهير بسبب هذه الأخبار”.
أما والد جيمي، باري مايزن، فقال: “شعرنا بصدمة جعلتنا غير قادرين على الكلام عندما علمنا بالأمر. ما حدث أعاد فتح جراح لم تلتئم بعد”.
إعادة فاهري إلى السجن
عقب انتشار الأغاني على منصات مثل سبوتيفاي ويوتيوب، قامت وزارة العدل البريطانية بفتح تحقيق عاجل. وسرعان ما أُعيد فاهري إلى السجن بسبب انتهاكه شروط الإفراج المشروط. وأكد متحدث باسم خدمة السجون: “لن نتسامح مع أي مادة تمجد العنف أو تزعج الضحايا، وقد أعدنا فاهري إلى الحبس”.
تقرؤون أيضا : جريمة بشعة تهز حد السوالم : عصابة مخدرات تعذب شابا قبل إنهاء حياته بوحشية
رسالة العائلة: السلام والمغفرة
رغم كل ما حدث، أكدت عائلة مايزن أن رسالتها الموجهة للشباب ستظل قائمة: السلام، المغفرة، والأمل. وأوضحت مارغريت: “نريد أن نوجه الشباب نحو طريق إيجابي، بعيدًا عن رسائل العنف التي تروجها أغاني كهذه”.
الجدل حول دور المنصات الموسيقية
تعرضت منصات مثل سبوتيفاي والبي بي سي لانتقادات لعرضها أغاني “TEN”. وفي حين أكدت سبوتيفاي أنها لم تجد أي كلمات تخالف سياستها، أوضحت البي بي سي أنها لم تكن على علم بخلفية الفنان، وأوقفت عرض أي من أغانيه.
قضية تتجاوز الجريمة
قضية فاهري أثارت جدلًا واسعًا حول حرية التعبير وحدودها، ودور الفن في التأثير على المجتمع. هل يمكن لمجرم أن يستخدم الفن لتلميع صورته؟ وهل يجب على المنصات أن تتحمل مسؤولية أكبر في مراجعة المحتوى الذي تقدمه؟
في النهاية، يبقى السؤال الأكبر: هل يمكن للمجتمع أن يتجاوز آلامه، ويحولها إلى دروس للشباب ليبنوا مستقبلًا أفضل؟