الحب كلمة شاملة ودالة على علاقات إنسانية جميلة، وأن نتحدث عن حب رجل لامرأة أو العكس فهذا الأمر طبيعي، ولاجدال في كونه هو الحالة الطبيعية بين زوجين أو حبيبين. أما أن نتحدث عن حب امرأة لرجلين في وقت واحد فهو بالضرورة أمر يعتبر غير طبيعي ومخالف لما هو معروف أو معترف به، بكلمة أصح فهل هناك فعلا هذه الحالة في مجتمعنا المغربي؟ وهل تستطيع امرأة أن تحب شخصين في وقت واحد، وفي نفس الوقت تكون عندها قناعة تامة بأنها لا تستطيع الاستغناء عن واحد منهما؟ سنحاول من خلال هذا التحقيق تسليط الأضواء على بعض الشهادات التي استقيناها لنساء يعترفن أنهن وقعن في الحب بشكل مخالف لما هو كائن.
عندما بدأنا التفكير في إنجاز هذا التحقيق راودتنا فكرة عدم وجود نماذج نعتمد عليها، نساء عشن تجربة الحب بهذا الشكل، لكننا فوجئنا أن هناك العديد من النماذج التي نبحث عنها، وأن هناك نساء وجدن أنفسهن يقعن في حب رجلين في وقت واحد، وأمام موقف صعب.
دوامة الحب
الأمر في غاية الصعوبة ولا أعرف كيف حصل معي، ولكنه حصل بدون سابق إنذار، هكذا بادرتنا نادية، ممرضة تبلغ من العمر 32 سنة، وأضافت قائلة: “وقعت في حب رجل يشتغل معي وفي نفس الوقت كنت أحب ابن الجيران، وهو أيضا يحبني، المشكل أنني عندما شعرت بالحب تجاه من يشتغل معي، وجدت نفسي غير قادرة على الاستغناء عن حب الاثنين، وشعرت أنهما يكملان بعضهما البعض، ودخلت في دوامة فعلا لأنني أصبحت أشعر أنني أكن لهما نفس المشاعر، وإلى الآن أنا في ورطة حقيقية، ولا أعرف كيف يمكن التخلص منها.
وإذا كانت نادية تعتبر الأمر في غاية الصعوبة، فإن سعيدة قررت أن تقوم بقطع دابر
الشك الذي ينتابها، بحيث تقول: “عشت لمدة 4 سنوات حالة من عدم الاستقرار العاطفي، حيث توزعت مشاعري بين شخصين اثنين”، وتضيف قائلة: “هذا الأمر يأتي بشكل تلقائي، وجدت نفسي أقع في حب رجلين اثنين، وأكن لهما نفس المشاعر، ولكن في لحظة من اللحظات جلست مع نفسي، وعرفت أن الأمر أكبر من أن يستوعبه العقل، ولذلك قررت الارتباط بأول شخص عرفته لكي أتخلص من حب سيقسمني إلى نصفين، وسيجعل قلبي يتألم، ولكن فضلت أن أتألم من الفراق أفضل من الألم بقربهما مني هما الاثنان.
ازدواجية المشاعر
وجدير بالذكر أن هناك حالات كثيرة لم نتوقع أن نجدها تعيش هذا التضارب في الأحاسيس والمشاعر، ورغم كون الأمر غير طبيعي، ولا يمكن القبول به لأن الطبيعة البشرية بالضرورة لايمكن أن تقبل به، ولكنه موجود.
كلما جلست بيني وبين نفسي أجدني في حيرة من أمري، هل أنا إنسانة طبيعية أم أعاني من عقد نفسية؟ وهل من المعقول أن أغرم بشخصين في الوقت ذاته؟ هكذا تتحدث أميرة وكأنها تفكر بصوت عال، وتضيف قائلة: “أسئلة كثيرة لكن ليس لديها جواب يشفي حيرتي، لأن كلا الحبيبين يصنعان سعادتي، وأحيانا كثيرة أشعر أنهما يكملان بعضهما..فالأول يمنحني مشاعر صادقة وروحا صافية، كما يمنحني طمأنينة وسلاما داخليا، ودائما ما أشعر أنني فخورة بوجوده في حياتي. والثاني منحني التفاؤل والسعادة ومنه تعلمت أن أتجاوز الصغائر، وأهمية التسامح، وأن أنظر للجانب المشرق في الحياة. هكذا تعبر أميرة عن مشاعرها بكل عفوية، مما يظهر بوضوح عمرها الحقيقي الذي لم يتجاوز الثلاثين، وتؤكد أن السعادة قرار نتخذه وليست حظا ننتظره، وتقول ضاحكة: “باختصار وجودهما معا في حياتي أضاف إلى عمري طعما أجمل، وكلما شعرت بضبابية في محيطي أو صعوبة في الحياة، وخلاصة الأمر علاقتي بهما هما الاثنان ابتدأت بصداقة، ولا أعرف كيف تحولت فجأة إلى مشاعر حب..ولا أعرف حتى كيف أعبر عن ازدواجية مشاعري تجاههما، فأنا أحبهما بحجم السعادة التي يضيفها وجودهما لحياتي”.
تركنا أميرة ونحن بالتأكيد نسائل أنفسنا عن الطريق الذي يمكن أن تسلكه، وهي التي تعيش ازدواجية حقيقية في مشاعرها، لنجد أمامنا سناء التي تتحدث هي الأخرى عن أحاسيس مختلفة ومتضاربة، وعن حب ترى أنه قسم قلبها إلى نصفين اثنين، حيث تقول: “تلك المشاعر التي شعرتها نحو شخصين وانقسم قلبي في حبهما، وربما أجد لنفسي عذرا، فامتلاكهما لنفس التفاصيل وليس الملامح ونفس الشخصية وليس الشخص ليس ذنبهما، وليس ذنبي بالتأكيد أن تجمعنا المشاعر في قصة مستحيلة، ولا أظن أن هناك أحدا تأذى غيري، فأنا التي طمع قلبها في أكثر من الممكن والمعقول، ولهذا تحملت مسؤولية هفوات قلبي ومشاعري، وانسحبت من القصة لأخسر بهذا قلبين وشخصين توفر كلاهما على أكثر التفاصيل والأحاسيس التي طالما تمنيتها … ولأدفع بهذا ثمن تخطي مشاعري لخطوط المسموح التي لن أنكر قيمتها في ضبط هفواتنا النفسية والعاطفية.
ورغم أن الموضوع يتعلق بالمرأة، ولكن لابد من حضور رأي الرجل فيه، على اعتبار أنه المعني الأول في هذه الازدواجية التي تقع فيها المرأة.
“المرأة بطبعها إنسانه حنونة ورومانسية جدا”، هكذا بادرنا علي، متزوج، وأضاف قائلا: “إذا فقدت شيئا من هذا لا شعوريا تتجه للبحث عن الحب والحنان، وإذا وجدت من يبادلها هذا الحب والحنان تجد نفسها تحبه حتى لو كانت مرتبطة بشخص آخر،
وبهذا يمكن القول إن الأمر يأتي نتيجة خلل في العلاقات، فتجد المرأة نفسها حائرة بين رجل قررت الارتباط به أو ارتبطت به فعلا، ورجل آخر أحبته نتيجة موقف رائع له أو علاقات طيبة، ومن هنا تشعر أنها تحب الاثنين معا، ولكن ليس بالضرورة حبا حقيقيا”.
أما محمد، فيرى أن الأمر ليس مقبولا نهائيا، لا أخلاقا ولا شرعا ولا عرفا، وهو لايتعدى أن يكون مجرد وهم وغير قابل للتصديق.
وهكذا اختلفت الآراء وتعددت، وتصر المستجوبات أنهن وقعن في حب رجلين، ويظل السؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح: هل الوقوع في حب رجلين اثنين في وقت واحد هو وهم أم خيال أم حقيقة؟