بات “الصيام المتقطع” من أكثر الأنظمة الغذائية انتشاراً في السنوات الأخيرة، حيث يتصدر عناوين كتب الحمية وحسابات التغذية على مواقع التواصل. البعض يراه حلاً سحرياً لفقدان الوزن، وآخرون يعتبرونه نمط حياة صحياً متكاملاً، فيما يراه البعض مجرد موضة عابرة ستنحسر مع مرور الوقت. فهل الصيام المتقطع دواء فعلي للجسم، أم مجرّد صيحة غذائية مؤقتة؟
ما هو الصيام المتقطع؟
الصيام المتقطع ليس حمية بالمعنى التقليدي، بل هو جدول زمني لتناول الطعام، يقوم على التناوب بين فترات الأكل وفترات الصيام. أكثر أنواعه شيوعاً هو نظام 16/8، أي الصيام لمدة 16 ساعة وتناول الطعام خلال 8 ساعات فقط. وهناك أنماط أخرى مثل 5:2 (تناول الطعام بشكل عادي 5 أيام، وتقليل السعرات في يومين) أو الصيام الكامل ليوم أو يومين في الأسبوع.
فوائد مدعومة علمياً
عشرات الدراسات الحديثة تدعم الفوائد الصحية للصيام المتقطع، خصوصاً عندما يمارَس بشكل منتظم ومتوازن، ومن أبرز فوائده:
- فقدان الوزن وتحسين حرق الدهون: من خلال تقليل عدد الوجبات وتحفيز الجسم لاستخدام مخزون الدهون كمصدر للطاقة.
- تنظيم مستويات السكر في الدم: يساهم في تحسين حساسية الإنسولين وخفض خطر الإصابة بالسكري من النوع الثاني.
- تحسين الصحة القلبية: عبر خفض ضغط الدم، والكوليسترول، والالتهابات المرتبطة بأمراض القلب.
- تعزيز الوظائف العقلية: بعض الدراسات تشير إلى أن الصيام قد يعزز التركيز والذاكرة، ويقلل من خطر أمراض التنكس العصبي.
هل يناسب الجميع؟
رغم فوائده، لا يعدّ الصيام المتقطع مناسباً لكل الأشخاص. فقد يسبب دوخة، إرهاقاً أو مشاكل في التركيز لدى البعض، خصوصاً في المراحل الأولى. كما يمنع على:
- النساء الحوامل والمرضعات
- الأشخاص المصابين باضطرابات الأكل
- مرضى السكري من النوع الأول أو من يتناولون أدوية تحتاج أكلًا منتظماً
- الأطفال والمراهقين في مراحل النمو
لذلك، من المهم استشارة طبيب أو أخصائي تغذية قبل البدء.
نمط حياة أم موضة مؤقتة؟
رغم انتشاره كصيحة بين المشاهير والمهتمين بالصحة، إلا أن الصيام المتقطع ليس اختراعاً حديثاً. بل هو ممارسة موجودة في ثقافات عدة منذ قرون، سواء لأسباب دينية أو صحية. الجديد هو تسليط الضوء عليه من منظور علمي وتغذوي.
ومع توالي الدراسات التي تثبت فوائده، يبدو أن الصيام المتقطع يتجاوز كونه “موضة”، ويترسخ كأحد الخيارات الصحية المعتمدة على الأدلة. لكنه، في النهاية، ليس حلاً سحرياً، بل أداة يجب دمجها ضمن نمط حياة متوازن يشمل غذاءً صحياً، نشاطاً بدنياً، ونوماً كافياً.
ختاما الصيام المتقطع ليس للجميع، لكنه قد يكون وسيلة فعالة لتحسين الصحة العامة والسيطرة على الوزن لمن يناسبهم هذا النمط الغذائي. ولأنه يعتمد على مبدأ “متى نأكل” بدلاً من “ماذا نأكل”، فهو يقدم بديلاً عملياً وبسيطاً للكثير من الحميات المعقدة.
ومع ذلك، تبقى القاعدة الأهم: لا يوجد نظام غذائي مثالي للجميع، بل هناك نظام يناسب كل فرد على حدة.