قضت المحكمة العليا بمقاطعة ويسترن كيب بجنوب إفريقيا صباح اليوم الخميس 29 ماي بالسجن المؤبد. لامرأة أدينت ببيع ابنتها البالغة من العمر ست سنوات مقابل مبلغ لا يتجاوز 20 ألف راند (نحو 1100 دولار أمريكي) . هي جريمة صدمت الرأي العام وأعادت تسليط الضوء على تصاعد جرائم الاتجار بالبشر في البلاد.
اختفاء غامض لطفلة يتحول إلى جريمة مدبرة
في فبراير 2024، أبلغت راكيل “كيلي” سميث عن اختفاء ابنتها جوشلين سميث من منزلهما في بلدة سالدانها الساحلية . الواقعة على بعد 120 كيلومتراً من كيب تاون. وأثارت الحادثة آنذاك تعاطفاً شعبياً واسعاً، خاصة بعد انتشار صور الطفلة بعينيها الخضراوين وابتسامتها الواسعة على مواقع التواصل الاجتماعي.
انطلقت عمليات بحث مكثفة بمشاركة الشرطة ومئات المتطوعين، فيما عرض أحد الوزراء مكافأة مالية كبيرة قدرها مليون راند (نحو 54 ألف دولار) لمن يدلي بأي معلومات عن مكان وجودها.
لكن بعد أسابيع من التحقيق، بدأت تتكشف معطيات صادمة قلبت مجرى القضية. إذ تبين أن اختفاء الطفلة لم يكن نتيجة اختطاف عشوائي، بل نتيجة بيع متعمد من قبل والدتها وشركائها.

صفقة بيع لطفلة بدافع الطقوس والشعوذة
أظهرت التحقيقات أن كيلي سميث، البالغة من العمر 35 عامًا، اتفقت مع شريكها جاكين أبوليس وصديقهما ستيفينو فان راين على بيع الطفلة لأحد الزعماء الروحيين التقليديين، والمعروف محليًا باسم “سانغوما”، مقابل مبلغ مالي. وأفادت شهادات بأن السبب وراء رغبة المشتري كان مرتبطًا بمظهر الطفلة، لا سيما عيناها الفاتحتان وبشرتها البيضاء، في ما يعتقد أنه طقس شعوذة.

أحد الشهود، وهو راعٍ محلي، صرح بأن سميث تحدثت في عام 2023 عن نيتها بيع طفلتها. كما أكدت إحدى النساء أن الأم أبلغتها صراحة بإتمام الصفقة.
أحكام صارمة دون أعذار للمخدرات أو الفقر
خلال جلسة النطق بالحكم التي نظمت في مركز رياضي لإتاحة الحضور لأفراد المجتمع المحلي، أصدر القاضي ناثان إيراسموس أحكامًا بالسجن المؤبد في حق المتهمين الثلاثة بتهمة الاتجار بالبشر، إلى جانب عشر سنوات إضافية لكل منهم بتهمة الاختطاف.
القاضي شدد على أن تعاطي المتهمين للمخدرات لا يبرر ما اقترفوه، قائلاً: “لا يوجد في سلوكهم ما يستحق الرأفة أو التخفيف. لم يظهروا أي ندم، ولم يبدوا أي قلق حقيقي تجاه مصير الطفلة”.
كما أمر بإدراج أسمائهم في السجل الوطني لحماية الأطفال، وهي خطوة تهدف إلى منعهم من أي تواصل مستقبلي مع القُصر.

الطفلة ما زالت مفقودة والبحث يمتد خارج البلاد
رغم مرور أكثر من عام على الحادثة، لم يتم العثور على جوشلين حتى الآن. وأكدت الشرطة أنها وسّعت نطاق البحث ليشمل دولًا مجاورة، وسط مخاوف من أن تكون ضحية لشبكات إجرامية عابرة للحدود.
الجدير بالذكر أن جنوب إفريقيا تعاني من واحد من أعلى معدلات الجريمة في العالم، مع تصاعد مقلق في حوادث اختطاف الأطفال. فقد سجلت الشرطة أكثر من 17 ألف حالة اختطاف خلال السنة الماضية 2023-2024، بزيادة بلغت 11٪ .
صدمة مجتمعية وأسئلة بلا إجابات
قضية جوشلين أعادت طرح تساؤلات حقيقية حول هشاشة الحماية الاجتماعية للأطفال في البيئات المهمشة، وحجم التهديد الذي تمثله بعض المعتقدات والممارسات التقليدية، خاصة حين تقترن بالفقر والإدمان.
رغم صدور الحكم، تبقى الحقيقة الأهم غائبة: أين جوشلين؟ وما مصيرها؟
أسئلة لا تزال دون إجابة، في انتظار أن تتمكن العدالة من استكمال ما بدأته.