هي طبيبة في قسم الإنعاش بمستشفى ابن سينا بالرباط وأستاذة جامعية بكلية الطب، تخوض معركة قوية مع فيروس كورونا المستجد، حلمها الانتصار عليه مهما كلفها الثمن.
الدكتورة جيهان بلعياشي المرأة الحديدية سيدة البيت الأم والزوجة المثالية التي نجحت في التوفيق بين كل هاته المهام قبل أن يحرمها هذا الفيروس من رؤية أطفالها الأربعة.
خلال حوار مجلة “لالة فاطمة” معها تطرقنا إلى مجموعة من المواضيع الخاصة بجائحة فيروس كورونا التي أصابت المملكة وكذا علاقة الأم بأطفالها.
بعد انتشار فيروس كورونا بالمغرب، هل أحسست بالندم على ولوجك ميدان الطب أم أنك فخورة اليوم؟
بكل الفخر أكيد، لم أشعر في أي ثانية وأنا أقوم بعملي كطبيبة بالندم، بل أحس به “فاش ماكنعطيش لي خاصني نعطي”، ولكن عندما تكون لدي الإمكانية أوهب نفسي قلبا وقالبا، وهذا الأمر يزيدني فخرا.
بحكم عملك كطبية في قسم الإنعاش بالجناح الخاص بكورونا، كيف تجدين هذه التجربة؟
إنها تجربة مميزة عن باقي التجارب التي عشتها سابقا، ربما لأن هذا الفيروس سيطر على العالم بأكمله ولأننا نعيشه عن قرب، فيما باقي الفيروسات التي سبقته كانت أقل انتشارا في الوسائط.
هذا الفيروس مكنني من معرفة الجانب الآخر من الطب غير الذي نقوم به كل يوم، هو مرض جديد يتوجب علينا فهمه جيدا خصوصا أن أعراضه تختلف من مريض لآخر كما أنه “كاين لمريض لي كيدير شي أمور كنشفوها لأول مرة”، نحن اليوم نجمع بين التكوين، إعطاء المعلومة والخبرة في آن واحد فهذا واجبنا، كما يمكن أن أقول أنه فرصة لإعطاء وتعلم الكثير في ميدان الطب.
بحكم تعاملكم اليومي مع المصابين هل من بوادر تشير لنجاعة بعض الأدوية أو المواد في تسريع العلاج؟
لا أستطيع الرد على هذا السؤال، لأنه لكي أقول لك أن هذا الدواء مفيد وفعال يجب أولا تجربته على هذا الفيروس وهذا الأمر يتم عبر مجموعة من المراحل.
كما أنه لم تمر ثلاثة أشهر على ظهور هذه الجائحة يعني لم يكن هناك الوقت الكافي لإجراء الدراسات الطبية والصيدلانية المعمقة، وأيضا “مايمكنش لك تبقى مربع ايديك وكتفرج فالمريض”، يعني المغرب اتخذ هذه المبادرة من أجل التعامل مع المرضى بهذا العلاج المتوفر حاليا وفي جميع الحالات سنلاحظ النتيجة.
كيف تكون ردة فعلك فور شفاء الحالات من الفيروس؟
أكون جد سعيدة عندما أرى الفرحة والابتسامة على وجه المريض لأنه ليس من السهل عليه أن يبقى مدة 14يوما و أكثر داخل العزل، نحاول قدر الإمكان مساعدته ونبقى على تواصل دائم معه، فقط إصابته بمرض يخيف العالم بأكمله والبقاء في مكان مغلق كل هذه المدة مؤلم عيشه، “النهار لي كتقولو فيه تشافيتي كيفرح بزاف وكيرتاح”.
كيف تكون نفسية المرضى فور علمهم بإصابتهم بالفيروس ودخولهم المستشفى؟
هنا سأفضل التحدث لك عن نفسية المواطنين يعني “كلهم مخلوعين من هاد الفيروس لعساك لي مريض بيه”.
تكون نفسية المرضى الذين نستقبلهم في المستشفى محطمة، نحاول قدر الإمكان مساعدتهم “كيبقا متبع معهم طبيب نفسي حتى كيخرج من هاد الحالة بخير وعلى خير”، لا يمكن أن أقول لك أن الخوف والهلع لا يسيطر عليهم.
كيف هي علاقتك بالمرضى المصابين بالفيروس ؟
هي علاقة عن قرب، حتى أنني لازلت على تواصل مع كل الحالات الإيجابية التي تماثلت للشفاء والتي مرت من مصلحة المستعجلات التي اشتغل فيها، صراحة أحاول قدر الإمكان إرضاء الجميع عن طريق دعمي لهم بكل ما أوتيت من خبرة وكذا تهدئته، لأنه دور ضروري خصوصا وأن الجميع في الخارج يعانون من حالة الهلع والخوف من هذه الجائحة التي أصابت العالم.
لا نستطيع تصغير الخوف الذي يعاني منه المريض إنما يمكننا أن نفهمه ونرافقه حتى يخرج من هذه العاقبة بخير وعلى خير.
ما هي نسبة عودة المرض لنفس الشخص الذي تعافى منه؟
ليست هناك دراسات تحدثت عن هذا الموضوع، أو تشير إلى أن المريض المتعافى يمكن أن يصاب مرة أخرى، لأن المناعة تختلف من شخص لآخر وهذه الدراسات لا تزال رهن الأبحاث، وشخصيا أقول لك بصراحة أنه في المغرب لا نستطيع الإجابة على هذا السؤال.
هل المستشفيات والأنظمة الصحية في المغرب مجهزة بكل المعدات الطبية، قاعات الإنعاش وغيرها؟
إن رأينا الجائحة بشكل عام في العالم بأسره فسنلاحظ أن النظام الصحي بأكمله معبأ، لأن الأنظمة الصحية لا ترتكز فقط على “الفراش أو المستشفيات”، إنما على كل الإجراءات التي تم اتخاذها منذ البداية، ومن بينها قرار الحجر الصحي الذي يعتبر أول تدبير وقائي من أجل تفادي الوقوع في مشاكل أكبر وأنا فعلا أنوه الحكومة على هذا الإجراء.
وهنا أود أن أشير إلى أن السلطات الصحية تقوم بواجباتها على أكمل وجه، لأنها فعلا تلبي جميع حاجياتنا وطلباتنا من أسرة ومعدات طبية وتجهيز لقاعات الإنعاش ناهيك عن الوقاية الشخصية التي نحتاجها من معقمات وكمامات وغيرها، وكل هذا بدعم من مستشفى ابن سينا و وزارة الصحة.
هناك فعلا مجهودات جبارة تقوم بها السلطات ليس فقط بهذا المستشفى وإنما في جميع مستشفيات المملكة، ونحن اليوم نعتمد على المواطنين ونطلب منهم فقط احترام الحجر الصحي من أجل هزيمة هذا الوباء.
هل عندك تخوف من الإصابة أنت كذلك بالفيروس؟
أكيد هناك تخوف كبير يعني “شحال ما كتفهم المرض شحال ما كتزيد تخاف منو” لأننا كأطباء على علم بأنه كلما قمنا بالتدابير الوقائية كلما تفادينا الوقوع في هذا المرض يعني نبذل قصارى جهدنا.
حتى الآن أستطيع أن أقول لك أنني لم أعد أهتم كثيرا للموضوع يعني “ايلا كتابت علي ما عندي ماندير” لا أدري كيف ستتطور الأمور مستقبلا، ولكن هذه ليست حجة لتحريري من المسؤولية، أنا هنا الآن وسأواصل عملي على أحسن وجه والكمال لله.
ما هي أبرز التدابير الوقائية التي يجب على المغاربة اتخاذها من أجل تفادي الإصابة بالفيروس ؟
أصر مرة أخرى على الحجر الصحي وارتداء الكمامات فهذا الأمر ضروري جدا، لأن الفيروس ينتقل إما عبر التنفس أو عبر التواصل المباشر مع الشخص المصاب، يعني يتوجب على كل شخص الابتعاد قدر المستطاع عن الناس، والتركيز على النظافة وبالخصوص نظافة اليدين لأنها ناقلة للبكتيريا والفيروسات مع التركيز على استعمال المعقمات، إذا احترمنا هذه الأمور سنتفادى الإصابة بهذا الفيروس.
كيف تقيمين عمل السلطات المغربية لمواجهة الفيروس، وماذا عن الإجراءات التي لم تطبق بعد وبرأيك يجب أن تطبق ؟
أرى أن السلطات العامة تقوم بكل المجهودات المطلوبة وأكثر لمنع تفشي هذا الفيروس، دائما ما تستمع لنداءاتنا ولم يتم تخطي أي منها، هناك فعلا مجهودات كبيرة “بصراحة ما عنديش مناش نتشكى”.
ماذا عن عائلتك الصغيرة، هل تعودين إلى البيت مساء؟
أنا منفصلة عن أبنائي منذ حوالي شهر يعني منذ انتشار هذا الوباء، زوجي فضل البقاء معي فيما تهتم والدتي بصغاري الأربعة في مدينة القنيطرة، كما أنني وزوجي نقوم بالحجر الصحي من أجل تفادي الإصابة بهذا الفيروس ونقل العدوى لهم.
هل يؤثر عليك بعدك عن عائلتك؟
أكيد فراق الأم عن أطفالها لأزيد من شهر ليس بالأمر الهين، أحاول قدر الإمكان التواصل معهم عبر الهاتف، أو عبر تقنية الفيديو على الواتساب، ولكي أكون صريحة معك هذا الأمر يؤثر علي بعمق.
ما رسالتك لأبنائك؟
أريد أن أشكر أولا والدتي وأخي على اهتمامهما بأطفالي، لأنهما يؤديان دور الأب والأم حاليا، أما أبنائي فأريد أن أقول لهم أنني فخورة بهم كثيرا، هم من يقومون بمواساتي في هذه الأيام العصيبة، دائما ما يقولون لي لا تخافي يا أمي كوني قوية نحن فخورون بك وهذا الأمر يريحني كثيرا، كما أرجو من كل قلبي أن تمر هذه الأزمة على خير. لأجتمع بصغاري
هل تودين توجيه كلمة أخيرة أو ربما نصيحة للناس؟
نحن بأمس الحاجة في وضعنا الحالي أن نضع أيدينا على أيدي بعض، وأتمنى أن يقوم كل منا بمجهودات جبارة من أجل محاربة هذا الفيروس،كما أرجو من مواطنينا أن لا يشاركوا في هذه الموجة المؤكسدة التي نعيشها حاليا، أريد أن أتأكد أن هناك فعلا جهود عظيمة لأننا إذا احترمنا الحجر الصحي ولم نتأثر برسائل الآخرين فإننا بلا شك سنهزم هذا الوباء بإذن الله.