يتحدث عبد الرحيم عنبي أستاذ علم الاجتماع في هذا الحوار عن البخل بين الزوج والمرأة..
كيف تفسرون البخل من الناحية السوسيولوجية؟
الحديث عن البخل عند الأزواج من الناحية السوسيولوجية يستدعي منا استحضار التفاوت الحاصل بين الرجل والمرأة على المستوى الثقافي، فالرجل البخيل يعتقد أن المرأة أٌقل منه درجة. كما أنها دائما تحت حمايته، لهذا فهو يسعى إلى تكريس تبعية المرأة له. أيضا البخل له علاقة بالجوانب النفسية ونوع التربية التي تلقاها الشخص في حياته، إذ أن الكثير من الأزواج تلقوا في تنشئتهم الاجتماعية العديد من الأفكار التي تدعو إلى تحقير المرأة وإدلالها، نظرا لأنهم تلقوا تربية خاطئة ترى على أن منح تكافؤ الفرص بين الرجل والمرأة هو أمر غير محبب، لهذا يلجأ الرجل انطلاقا من الثقافة من خلال تنشئته الاجتماعية، إلى البخل كأداة لمحاربة المساواة بين الرجل والمرأة على مستوى الأسرة.
بالإضافة إلى ذلك نجد العديد من الأزواج الآخرين يعتقدون أن الزوجة ينبغي أن تقمع بشتى الطرق (باش ما يتحلوش ليها العينين) وتصبح لها طلبات أكثر، وبالتالي يتيح البخل استراتيجية أساسية للتقليص من مصاريف الزوجة ومصاريف البيت. لا أنسى كذلك أن البخل هو حالة نفسية ثقافية تعود كذلك إلى التركيبة النفسية والبيئية الاجتماعية التي عاشها الزوج، لكن أؤكد مسألة أساسية هي أن البخل في الزوجة يبقى دائما مرتبطا بالعلاقة النفسية الاجتماعية التي تربط الزوجين، إنه موقف اجتماعي من الزوجة.
هل خروج المرأة للعمل عامل في ظهور صفة البخل عند الرجل؟
ينبغي أن نميز بين نوعين من البخل في هذا الاتجاه، هناك البخل الذي يمتنع فيه الزوج عن الإنفاق بحجة تقليل نفقات الأسرة وتوفير المال،والذي كما أسلفت له جذور نفسية اجتماعية مرتبط في كل الأحوال بعلاقة الرجل بالمرأة والتفاوت الثقافي والاجتماعي الذي كونه الرجل انطلاقا من التنشئة الاجتماعية الخاطئة.
لكن يمكن الحديث عن نوع ثان كم البخل صحيح يعكس لنا كذلك طبيعة الرجل في المركز، لكن هذا النوع من البخل فرضه تحديث المجتمع وخروج المرأة للعمل، حيث نجد العديد من الأزواج يستخدمون ثقافة الحساب مع الزوجة، إذ كلما طلبت منه شيئا تجده لا يتعامل معها كزوجة بل كعملة، لها أجرة ينبغي أن تلبي من خلالها كل متطلباته.
كيف يؤثر البخل على علاقة الزوج بالزوجة وعلى حياة الأسرة؟
للبخل آثار نفسية واجتماعية على علاقة الزوج بالزوجة، أول هذه الآثار تكمن في تكسير جو العلاقات الحميمية، وسيادة التصورات السلبية عن كل طرف لدى الآخر، من هنا تدخل الأسرة في العديد من النزاعات، قد تدفع الزوجة إلى الاعتقاد أكثر في أعمال الشعوذة والسحر من أجل استمالة الزوج، حتى ينفق على أسرته، في كثير من الأحيان تساور الزوجة العديد من الشكوك تحوم حول احتمال زواج الزوج من امرأة أخرى، وبالطبع هذا يؤدي بالزوجة إلى احتمال تعرضها إلى الاكتئاب والعديد من الأمراض النفسية التي تكون لها انعكاسات على الأسرة والأبناء.