يؤكد المهدي العلوي الأمراني أخصائي نفسي ومعالج أسري أنه “مما لا شك فيه أن مشاعر الانجذاب والشغف التي تسبق مرحلة الزواج تحتاج إلى عدد من العوامل المجتمعية، لكي تتأكد وتؤدي إلى الوصول للحياة الزوجية المشتركة، كما أن الصداقة بيم شخصين مختلفين بالنوع هي احتمال مفتوح للتطور إلى مشاعر حب.
ومن بين هذه العوامل نجد الكثير منها موجودة في علاقات الصداقة من قبيل الاحترام المتبادل أو الثقة التي يشعر بها كل طرف في وجود الطرف الآخر أو حتى في النشاطات المشتركة المرتبطة بمجالات اهتمام مشتركة، دون نسيان سمة جوهرية سواء في علاقات الصداقة أو الحب وهي التقبل اللامشروط للطرف الآخر بما له وما عليه بمعنلى بما تحتويه شخصيته من إيجابيات وسلبيات.
وما يساعد على أن تتطور علاقات الصداقة إلى حب وزواج نجد ابتداء عامل التوافق على مستوى الأفكار والقيم والأهداف، ثم بعد ذلك يأتي عامل الروابط والذكريات السعيدة التي تتكون عادة في علاقات الصداقة بصفة متدرجة ومستمرة، دون إغفال عامل التعبير عن المشاعر بسهولة، والتي من بينها مثلا مشاعر التقدير والاعتراف المتبادل على العطاء الطرف الآخر وتضحياته من أجل إنجاح الصلة التي تجمع الطرفين، والتي تتميز به هذه العلاقات إلى جانب عامل التلقائية والبساطة في التعامل الذي يسودها وكل هذه العوامل تسهل تقوية وتمتين الصلة حتى تصل حد الحب المتبادل والزواج.
وليس غريبا أن تؤكد معظم الدراسات الحديثة أن الزيجات الناجحة هي التي تكون مبنية على مبادئ الصداقة الحقيقية، وأن الزواج الذي يأتي بعد علاقة صداقة متينة يكون زواجا ناجحا وذو مقومات وأساسات عميقة.
وذلك لأن الحب دون العوامل التي ذكرناها والتي هي من مميزات علاقات الصداقة يبقى مجرد حب رومانسي وحالم ولا يرتقي البتة إلى علاقة حب حقيقي قادر على تخطي صعوبات وإكراهات حياة زوجية طويلة الأمد، كما أنه يكون مبنيا بنسبة كبيرة فقط على جانب الانجداب والرغبة، دون الأخذ بعين الاعتبار جوانب أخرى غاية في الأهمية.
وكل هذه العوامل من الممكن أن تشكل منطلقات هامة للخروج من سجن العلاقات الزوجية التوثرة السائدة في عصرنا الحالي، وهو ما يتطلب مجهودات جبارة من طرفي العلاقة، وهنا تكمن صعوبة المأمورية،وتؤكد ذلك الممارسة الفعلية للعلاج الزواجي.
وأختم بمقولة لعالم هنفس مشهور يسمى ديفيز عن العلاقة بين مفهوم الحب والصداقة في جملة “أن الحب صداقة يستوعب كل مكوناتها، ولكنه يزيد عليها بخاصيتي الشغف والعناية التي تشمل الحماية والدفاع”.