اهتزت مدينة صغيرة في ولاية واشنطن في أغسطس 1988 عندما تم العثور على جثة فتاة مراهقة، تدعى تريسي ويتني، في نهر بويالوب. كانت تريسي تبلغ من العمر 18 عامًا فقط، وعثر عليها عارية بعد أقل من 24 ساعة من مغادرتها مطعم برغر كينغ، عقب مشادة مع حبيبها السابق.
أظهرت التحقيقات الأولية أن تريسي تعرضت للاعتداء الجنسي والخنق حتى الموت. ورغم الجهود المكثفة التي بذلتها الشرطة، بقي القاتل طليقًا، محميًا بظلال الزمن والصمت.
التحقيقات التي تعثرت عبر الزمن
منذ اللحظة الأولى، حاول المحققون تتبع خيوط الجريمة، بدءًا من أصدقاء الضحية وحبيبها السابق وحتى غرباء محتملين. تم جمع عينات من الحمض النووي (DNA ) من مكان الجريمة، لكنها لم تسفر عن تطابق في قواعد البيانات الجنائية المتوفرة آنذاك.
في عام 2005، أعادت الشرطة فتح القضية باستخدام تقنيات أكثر تطورًا، حيث تم إدخال الحمض النووي في قاعدة بيانات مكتب التحقيقات الفيدرالCODIS . ومع ذلك، بقي القاتل مجهولًا، لتصبح القضية واحدة من أبرز “الجرائم الباردة” في الولاية.
التقدم الكبير في 2022
في عام 2022، وبعد حصول إدارة شرطة مقاطعة بيرس على منحة حكومية، أعيد فتح القضية مجددًا باستخدام تقنية الأنساب الجيني، التي أصبحت أداة حاسمة في حل الجرائم الغامضة.
تم إرسال العينة إلى مختبر Parabon NanoLabs المتخصص في تتبع الأنساب عبر الحمض النووي. وبعد شهور من البحث، ظهر اسم جديد: جون غيلو جونيور.
القاتل الذي هرب من العدالة
للأسف، لم يكن بالإمكان اعتقال غيلو جونيور، حيث توفي بسبب السرطان قبل ثمانية أشهر فقط من ظهور النتائج. ومع ذلك، تمكن المحققون من تأكيد هويته من خلال تحليل الحمض النووي لابنه، الذي توفي حديثًا أيضًا.
أثبتت التحقيقات أن غيلو لم يكن على معرفة مسبقة بتريسي، مما يؤكد أن الجريمة كانت نتيجة اختطاف عشوائي.
ألم العائلة وراحة مشوبة بالحزن
روبين، أخت تريسي، كانت تبلغ 11 عامًا وقت الجريمة. وصفت شعورها قائلة: “لقد عشت طفولتي وأنا أخفي حزني، والآن أواجه هذه المشاعر كإنسانة ناضجة. هو شعور بالراحة، لكنه مليء بالحزن”.
وأضافت: “رغم أنه لم يحاسب في المحكمة، إلا أن معرفة اسمه تُعد شكلاً من أشكال العدالة”.
قصة تريسي ليست مجرد قصة مأساوية عن فقدان حياة شابة بريئة، بل هي دليل حي على تطور التقنيات الجنائية ودورها في تحقيق العدالة حتى بعد عقود من وقوع الجرائم.
بينما تطوي عائلة تريسي صفحة الألم الطويل، تبقى هذه الجريمة تذكيرًا بأهمية استمرار السعي وراء الحقيقة، مهما طال الزمن.