اهتزت جماعة “اشطيبة” بإقليم قلعة السراغنة، على وقع فاجعة إنسانية وقانونية، بطلها “سند” مفترض وضحيته طفلة لم تتجاوز ربيعها الرابع. جريمة نكراء لم تكتفِ بسلب الحياة، بل تداخلت فيها خيوط الاعتداء الجنسي بمرارة التستر العائلي، في مشهد سريالي يضع المجتمع أمام تساؤلات حارقة حول القيم والمسؤولية.
حسب مصادر “جريدة الصباح”، فإن تفاصيل هذه النازلة المأساوية بدأت حينما حاولت أسرة الضحية رسم “سيناريو” لحادث عرضي، مدعية أن الطفلة سقطت من سلم المنزل أثناء غياب الرقابة. هذا الادعاء، الذي أريد به حماية “الابن” من مخالب القانون، سرعان ما تهاوى أمام الحقيقة المرة التي كشفتها الفحوصات الطبية الدقيقة بمستشفى السلامة بقلعة السراغنة.
تفيد معطيات “الصباح” أن الطفلة أدخلت المستشفى في حالة غيبوبة تامة، لكن يقظة الطاقم الطبي بقسم الإنعاش كانت بالمرصاد. إذ عاين الأطباء آثار عنف جسيم بكسر في الجمجمة ونزيف دماغي حاد، فضلاً عن قرائن مادية قاطعة تؤكد تعرض الصغيرة لاغتصاب وحشي لا يتناسب مع رواية السقوط العرضي. وهي المعطيات التي استنفرت المصالح الأمنية، محولةً القضية من “حادث منزلي” إلى “جريمة قتل واغتصاب”.
الجاني من صلب البيت
في تطور مثير، كشفت الأبحاث التمهيدية التي باشرها المركز القضائي للدرك الملكي بسرية قلعة السراغنة، تحت إشراف الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بمراكش، أن المشتبه فيه الرئيسي ليس سوى شقيق الضحية البالغ من العمر 17 سنة. وتشير مصادر “الصباح” إلى أن القاصر استغل انشغال والدته بالأعمال المنزلية ليرتكب فعلته النكراء، قبل أن يعمد إلى تعنيف الضحية بضربة قاتلة على الرأس، خوفاً من انكشاف أمره، ليفر بعدها من مسرح الجريمة قبل أن تنجح عناصر الدرك في محاصرته وإيقافه.
هذا الوضع وضع الأسرة الصغيرة في موقف تراجيدي. إذ وجدت نفسها بين “مطرقة” فقدان ابنة بريئة، و”سندان” تورط ابنها الآخر في جريمة قد تزج به خلف القضبان لسنوات طويلة، وهو ما فسر محاولاتهم اليائسة في البداية لتضليل العدالة.
القضاء يعمق البحث
عقب لفظ الطفلة أنفاسها الأخيرة يوم الاثنين الماضي، أمر الوكيل العام للملك بمراكش بتعميق البحث مع الموقوف القاصر، الذي وضع رهن تدابير المراقبة القضائية. وتتجه التحقيقات، وفقاً لمصادر “الصباح”، نحو كشف ما إذا كان هذا الاعتداء حادثاً معزولاً أم أنه حلقة في سلسلة من الاستغلال الدائم الذي قد تكون تعرضت له الهالكة، وكذا تحديد النية الإجرامية من وراء الضربة القاتلة: هل كانت بدافع التخلص من الشاهدة الوحيدة أم نتيجة نوبة غضب طائشة.
بينما ينتظر الرأي العام كلمة الفصل في هذه القضية، تبقى “اشطيبة” شاهدة على فاجعة هزت أركان السكينة، مذكرةً بضرورة رفع منسوب الوعي والرقابة داخل الأسر، لحماية البراءة من وحوش قد تسكن معها تحت سقف واحد.