يقول علي شعباني أستاذ باحث في علم الاجتماع أن لبيئة الاجتماعية والتربية والتنشئة من يصنع الانسان والحديث عن الشخصية حديث معقد، بل إن أعقد موضوع في علم النفس هو موضوع الشخصية.
قد نجد من علماء النفس من يؤكد على أهمية المظاهر الخارجية في سلوك الانسان ومدى تأثير ذلك على الأفراد الآخرين في محيطه، وقد نجد أخرون من يؤكد على طبيعة الانسان وطبيعة تكوينه الداخلي، وهذا هو المهم في شخصية كل إنسان لأنها تتضمن مدرات الفرد واتجاهاته وقيمه ودوافعه وما إلى ذلك من السمات الأساسية التي قد لا تظهر في سلوكه الخارجي وعلاقته مع الناس.
وهذه السمات المضمرة هي التي تترك الحكم على شخصية الانسان للأفراد الآخرين. وقد يكون هذا الحم مجانبا للصواب.
وما يجب أن نؤكد عليه في هذا الصدد، هو أن الشخصية ليست شيئا يملكه البعض ولا يملكه البعض الآخر. فلا يمكننا الحسم بأن فلانا لا شخصية له وأن فلانا آخر له شخصية، فهذه تعبيرات سطحية للغاية ولا يجب الاعتداد بها. كما أننا لا نعني بالشخصية شيئا حسنا وآخر رديئا، أو كما يتداول عادة، بأن هناك شخصية قوية وشخصية أخرى ضعيفة.
فالشخصية هي سيمات أخلاقية وأنماط سلوكية ومبادئ عقلانية، وعلاقات ديناميكية يتميز بها كل الناس. فقط هناك من يعرف كيف يعبر عن هذه السمات والأنماط والمبادئ والعلاقات، وهناك من لا يعرف أو من لا يقدر استعمال ذلك.
ما يجب أن نعرف أيضا هو أن هناك أشخاص (وليس شخصيات) متسلطون وسلطويون واندفاعيون، وأشخاص مسالمون، من الذكور ومن الإناث على السواء. وفي هذه العلاقة الممكنة بين المتسلط والمسالم، لا بد أن نأخذ بالاعتبار قضايا أخرى مرتبطة بالتنشئة الاجتماعي والتربية والبيئة والمحيط الاجتماعي لكل واحد منهما، فهذه العوامل، هي في الغالب، المحدد الأساسي لكل علاقة بين أثنين أو أكثر.
فعلى تلك المرأة التي تحكم على زوجها بأنه ضعيف الشخصية ولا يقدر على المواجهة، عليها أن تبحث عن أسباب وعوامل أخرى قد تكون بعيدة كل البعد عما تعتقد بأن ذلك السلوك راجع لضعف شخصيته. هذا ما يعتقده العامة من الناس. أما المهتمون بالدراسات المتعلقة بالتربية وعلم النفس والعلاقات الإنسانية فلا يمكن لهم ربط ذلك بضعف الشخصية، بل ببعض الاختلالات التي تصيب مثل هؤلاء الناس وتأثر على سلوكياتهم ومواقفهم ومبادئهم وعلاقاتهم، التي يعتبرها البعض: ضعف الشخصية.
إن البيئة الاجتماعية والتربية والتنشئة الاجتماعية التي يتلقاها كل فرد في محيطه الاسري والاجتماعي هي التي تصنع الانسان وتجعل منه أنسانا قويا جريئا ومتفاعلا، أو أن تجعل منه شخصا منطويا خجولا خائفا من كل مواجهة أو من اتخاذ كل موقف، ولو كان قد يلحق به بعض الأضرار.
صحيح، انه لا بد من التجاوب ومن التعبير الصريح عن بعض المواقف، خاصة بين الأزواج. ولكن إذا ما كان هناك بين الزوج وزوجته ما يمكن أن يحتسب على ضعف الشخصية، فالأمر ليس كذلك ولكن قد يعود إلى اختلالات أخري داخلية أو خارجية في علاقتهما. الانسان بطبعه متجاوب ومتفاعل وإيجابي، ما عدا في الأمور والقضايا التي لا يرى، حسب اعتقاده، أنه يجب التفاعل والتجاوب معها، ولهذا قد يتخذ مواقف سلبية منها ، وتظهر للآخرين على أنها ضعف في الشخصية.