قررت نانسي أندرسون، الشابة ذات الـ19 عامًا، في عام 1971، أن تبدأ حياة جديدة بعيدًا عن منزل العائلة. اختارت جزيرة هاواي، المعروفة بجمالها الساحر، لتكون نقطة البداية. تقول شقيقتها ماري شياتوني: “كانت ترى أن هاواي مكان رائع لبدء حياتها. إذا أردت الذهاب إلى مكان ما، فلماذا لا تكون هاواي؟”
استقرت نانسي في شقة صغيرة بمنطقة وايكيكي مع زميلتها جودي سبونر، التي كانت تبلغ 18 عامًا. وحصلت على وظيفة في مطعم ماكدونالدز المحلي. بفضل شخصيتها الاجتماعية، كوّنت نانسي صداقات بسرعة، الشيء الذي جعل تأقلمها أكثر سهولة.
لم يكن أحد يعلم أن تلك البداية الحالمة ستتحول إلى مأساة في وقت قصير.
ليلة الجريمة:
في 7 من يناير 1972، وبعد شهرين فقط من وصولها، عثر على نانسي في شقتها مقتولة بـ63 طعنة. كانت جودي، زميلتها في السكن، أول من اكتشف الجثة. حاولت طلب المساعدة من الجيران، لكن الأوان كان قد فات.
وصلت الشرطة إلى مكان الحادث وبدأت التحقيق، لكنها لم تجد أي دليل واضح. يقول شقيقها جاك أندرسون: “لم نصدق ما حدث. فتاة جميلة بعمر 19 عامًا، كانت حياتها كلها أمامها. لماذا؟ ومن قد يفعل هذا؟”
رغم كل الجهود، لم تتمكن الشرطة من تحديد هوية القاتل. لتصبح القضية واحدة من أقدم الجرائم الغامضة في تاريخ هاواي، وتظل لغزًا يطارد عائلة أندرسون لأكثر من خمسة عقود.
بعد 52 عامًا العثور على خيط يعيد القضية للواجهة :
في عام 2019، قرر جاك أندرسون اللجوء إلى عالمة الأنساب الجينية الشهيرة، سيسي مور. باستخدام التقنيات الحديثة وتحليل الحمض النووي، تمكنت مور من الوصول إلى اكتشاف مذهل. تم جمع عينة DNA من منشفة عثر عليها في مسرح الجريمة، وبفضل التكنولوجيا المتقدمة، نجحت في تحديد “توقعات شكلية” لمظهر المشتبه به عندما كان في منتصف العشرينيات.
بحلول عام 2022، كانت الأدلة تشير إلى رجل يدعى تيودور تشيرلا، جار نانسي السابق،هذا الأخير تطابق حمضه النووي مع الأدلة الجنائية التي عثر عليها قبل عقود ، ليتم إلقاء القبض عليه و هو يبلغ من العمر 77 عاما .
عدالة متأخرة و نهاية غير متوقعة :
رغم التوصل إلى القاتل، لم تنته القضية بالطريقة التي كانت تأملها عائلة أندرسون. ففي عام 2024، فارق تشيرلا الحياة قبل أن تبدأ محاكمته، ليأخذ معه أسرار مقتل نانسي إلى القبر.
رغم هذه النهاية تقول ماري شياتوني، شقيقة نانسي: “”لطالما آمنا بأننا سنعرف الحقيقة يومًا ما .لم نكن نتوقع أن يكون على قيد الحياة، ولكننا كنا نأمل بشيء ينهي معاناتنا”.
في الختام تبقى هذه القضية شاهدة على قوة الإصرار والتطور العلمي، ودليلا على أن العدالة، وإن تأخرت، يمكن أن تتحقق بفضل الجهود الحثيثة والتكنولوجيا الحديثة التي تساعد في كشف خبايا الماضي.