بعد الزواج لا مجال للخجل، ولا لأمور كانت تعتبر عيبا فاحشا قبله، فقد سقط عنها العيب بعد الزواج وصارت حلالا بيِّنا وشهدا طيبا، وتحولت الخطوط الحمراء إلى حدائق خضراء شاسعة، وللحب عندئذ أن ينشر بحرية جناحيه في أعالى السحاب ويحلق إلى المدى، تصرفا، وحديثا، وإيماءة، وإشارة، بما يحلو للزوجين ويجلب لهما أقصى درجات المتعة الروحية والجسدية، يوزعها على الحواس كلها وصولا إلى الإشباع الكامل، والرضا التام، مادام هذه التحليق الرومانسي الحر فوق المساحات الخضراء لا يخالف الفطرة البشرية، ولا يتعدى حدود الله.
قد لا يكون من السهل على الزوجة الشابة استيعاب قدر الحرية “المفاجئة” التي منحها لها الزواج بعد سنوات طويلة من العفة، وتجنب كل ما يمكن أن يمسها من لفظ أو فعل، فيظل حارس الخجل كما تعوّد يمنع الشفتين أن تنطقا ولو كلمة واحدة تعبرعن رغبة تجتاح النفس والجسد في لحظة لها خصوصيتها، ولا يكون لورود الخجل الحمراء المتفتحة على خديها قدرة الكلمات، ولا فصاحة البوح عن مشاعرها الحميمية كأنثى، فتكبت الزوجة رغباتها، وتموت أمنياتها في زنزانة سجن الخجل، وربما كانت تلبية تلك الرغبات أمرا سهلا إذا ما استطاعت الزوجة أن تكسر قيود الخجل، وأن تفض الستائر الفاصلة بينها وبين رجل لم يعد غريبا، بل صار زوجا.
أنثى لعوب
“عفاف” زوجة طلقها الخجل وهدم بيتها !! تروي حكايتها: تزوجت لمدة عام واحد، ثم كان الطلاق بسبب واحد أيضا، إنه “الخجل”، لم يستطع زوجي تحمل خجلي ولم يعتبره مرادفا للحياء والعفة، بل كان يصر أن يُسمعني ألفاظا فاحشة كانت تخجلني، فلا أسايره في هكذا حوار، فطعن في أنوثتي، واتهمني بالبرود تارة، وبأن هناك من أخونه معه تارة أخرى، خاصة أنني كنت مخطوبة لزميل في العمل قبل أن أتزوج، بدأت المشاكل والإهانات، ثم تغيرت حالته كليا فراح يسهر خارج البيت، وإذا رن هاتفه ينتقل إلى الشرفة ليكمل مكالماته المريبة، لم أعد أتحمله ولم يعد يتحملني، فأيقنت أن الطلاق هو المآل الحتمي، لم أستطع أن أخبر أهلي بسبب الطلاق فقد منعني الخجل أيضا من مصارحتهم، وأخشى من تكرار تجربة الزواج فمازلت خجولة، وربما لن يمكنني أن أتغير، وعلمتني تجربتي أن الزوج لا يبحث عن زوجة مؤدبة، بقدر ما يبحث عن أنثى لعوب. !
خجل دليل عفة
“صفية” الزوجة الشابة، نشأت في عائلة محافظة لها رأي مخالف بشكل حاد فتقول: لايمكنني أن أتخلى عن خجلي في العلاقة الحميمية، وبطبيعتي خجولة بزاف، تحمر وجنتاي سريعا، الزواج لم يغير طبيعتي وأتصور أنه يحميني ويرفع من شأني في نظر زوجي، وأثق أن الزوج في مجتمعنا يفضل زوجة خجولة صامتة في العلاقة الحميمية، ويرى ذلك دليل عفتها، وأنها لم تخض أي تجربة سابقة على الزواج، وأجزم أن الزوج يحب جهل زوجته في الأمور الحميمية، ويعتبر في قرار نفسه أنه قد أحسن الاختيار وفاز بجوهرة “خام” كانت مصونة محفوظة بعناية في شرنقتها الحريرية المصنوعة من خيوط العفة والإلتزام، وأعترف أنني أحيانا لا أشعر بالخجل بتأثير التعود، عندها أتصنع الخجل لتظل صورتي في مكانها العالي في عقل زوجي، وأعترف أن ذلك يحرمني من الوصول إلى متعة تجول بخيالي أراها قريبة مني، ولكن لا يمكنني أن أنالها، أخشى إن عبرت عنها أن تتغير صورتي التي رسمتها بنفسي في عيني زوجي، والثمن الذي أدفعه أنني أكبت رغباتي وأسيطر عليها، لا أعرف إلى متى يمكنني أن أتحمل كبت رغبات تكاد تغلبني؟ إنني حائرة.
شفافية
“نجية” زوجة محجبة أتمت دراستها للصيدلة في فرنسا عادت إلى المغرب وتزوجت منذ عدة أشهر، لها رأي واضح تشرحه قائلة: أتصرف بحرية تامة مع زوجي فنحن متفاهمان في أمور الحياة، نعتمد المصارحة والمكاشفة أسلوبا في مناقشة أمورنا كلها، هذه المصارحة تشمل الفراش أيضا، لأن المصارحة هي أسلوب عام ودستور حياة مع زوج اخترته متناغما مع أفكاري بقدر تناغمي مع أفكاره، لم تكن لي أدنى تجربة من أي نوع قبل الزواج، وأعتبر أن الحرية في التصرف والكلام بعد الزواج هي المكافأة الطبيعية لزوجين عفيفين، وأرى أن التخلي عن الخجل بين الزوجين هو نوع من الشفافية الرائعة تساعد وببساطة ودون تكلف أو جهد أن ترفع سقف المتعة التي يحصل عليها الزوجان وتضاعف حلاوتها، وتضمن دون عناء أن كل طرف يحصل على ما يريد وبالطريقة التي تعجبه، وأن له حريته أن يتكلم ويستخدم ألفاظا تحرك بها لسانه دون الكثير من الحسابات المعقدة، ألفاظ لم يسبق لها أن تجرأت لتغادر شفتيه حتى ولو همسا بينه وبين نفسه قبل الزواج.
زوج خجول
“نعيمة” زوجة في بداية الثلاثينات من عمرها، لديها وضع مختلف وغريب، تبوح لنا به فتقول: لا معنى للخجل، فبعد الزواج تسقط قائمة الممنوعات، أنا أعرف ذلك وتلك قناعتي، ولكن زوجي هو الخجول! حالتي ربما صورة مقلوبة لما يحدث لدى صديقاتي المقربات، زوجي رجل جم الأدب، رفيع الأخلاق، يتعامل برقي في كل الأحوال حتى في الفراش، لا يصدر منه حرف واحد خارج الحدود، وكأنه يراعي بروتوكولا صارما في استخدام الكلمات، أنا الطرف الجريء الأكثر مبادرة، أتكلم بما أريد فيبتسم فقط ولا يتجاوب معي أبدا في حوار حميمي ساخن، ولكنه يتجاوب كرد فعل فقط مع ما أريده في العلاقة الحميمية ودون مبادرة منه، يحاول بكل جهده أن يسعدني، لكن دون أن ينطق كلمة واحدة، ودون ضوء ساطع بغرفة النوم فهو يصر على أن تتم العلاقة الحميمية في الظلام أو على ضوء الشموع، ليس لإضفاء جو رومانسي مخملي على العلاقة، ولكن لتكون الرؤية غير واضحة، فلا ترى العين تفاصيل جسدية معينة، ومع أن هذا الوضع يزعجني وينتقص من متعتي، إذ أعتقد أن الأنثى يسعدها أن تكون في الفراش تحت سيطرة زوج راغب فيها بقوة وبلا حواجز، ولكن من جانب آخر فإنني أثق أن رجلا بأخلاق وطبيعة زوجي لا يمكن أن يرفع عينيه ليرى أنثى غيري مهما كانت فاتنة، ولن يلتفت لسحرها، ولن يدور في مدارها الجاذب مهما كانت قوة جاذبيتها، أنام أحيانا قريرة العين ملء جفوني ثقة في هذا الزوج الخجول! وأحيانا أظل قلقة لأيام وليال، فحالتي لا ترضيني ولا تشبعني، فجرأتي تمنحني نصف المتعة، وخجل زوجي يهدر النصف الباقي، أتوجه بخيالي إلى الحلم، إلى رجل “وهمي” يبادر بمطاردتي، جريء إلى درجة تجعلني أخجل رغم جرئتي!! هل أنا في بداية طريق يؤدي إما إلى الطلاق أو إلى الخيانة؟ أدعو الله أن يحفظني منهما.