طب أطفال
يصيب مرض السيلياك، أو التحسس للغلوتين كل الأعراق وينتشر في جميع أنحاء العالم، لكنه أكثر شيوعا في شمال أوربا وأمريكا. ويعد المغرب من أكثر البلدان المعنية بالمرض، حيث يصل معدل الإصابة 1℅ وتعرف المناطق الجنوبية بالأخص انتشارا كبيرا للمرض. عن المرض، وأسبابه والعلامات الدالة عن وجوده وكذا علاجه تحدثنا الدكتورة خديجة موسيار، اختصاصية في الطب الباطني ونائب رئيس الجمعية المغربية لمرض السيلياك وحساسية الغلوتين.
ما المقصود بمرض التحسس للغلوتين؟
مرض مناعي ذاتي يحدث عند الأشخاص المستعدين جينيا للإصابة. وينتج عن مهاجمة الجهاز الهضمي على صعيد الأمعاء الدقيقة من طرف جهاز المناعة. ومع ملامسة الغلوتين للأمعاء، فإنه يحصل التهاب لجدارها مع تدمير الزغب المعوية وتسطحها وتفقدها لشكلها المميز، ويترتب عليه سوء امتصاص لكن تداعياته تطال الجسم كله. ولهذا المرض عدة تسميات منها سوء الامتصاص، التحسس للغلوتين، التحسس للقمح، اعتلال الأمعاء بالغلوتين والإسهال غير الاستوائي. ويمكن أن نصف الداء الزلاقي كرد فعل على التعرض لمادة الغلوتين الموجودة في الخبز، وأنواع أخرى من الأطعمة التي تحتوي على مادة القمح أو الشوفان في بعض الأحيان.
ماذا يقع عندما يتناول الشخص المصاب بالمرض مادة الغلوتين؟
حين يتناول شخص ما مصاب بالداء الزلاقي مادة الغلوتين يقوم الجهاز المناعي في جسمه بمهاجمة أنسجة الأمعاء الدقيقة فيسبب ضررا لبطانة الأمعاء، مما يجعلها عاجزة عن امتصاص بعض مركبات الغذاء الضرورية. ويؤدي سوء الامتصاص هذا في نهاية المطاف إلى نقص في الفيتامينات، يحول بدوره دون وصول مركبات غذائية أساسية لعمل أعضاء الجسم منها الدماغ، والجهاز العصبي، العظام، الكبد، مما يؤدي إلى حدوث خلل في وظائفها.
هل المرض يصيب الأطفال فقط ؟
من الأفكار الشائعة والتي كانت تتسم بنوع من الصحة في السابق هي أن هذا المرض يصيب فقط الرضيع عند تناول مادة الغلوتين في تغذيته، وأن المشكل يحل في غضون سنوات معدودة مع حمية مؤقتة تقصي هذه المادة٬ لكن حاليا لم يعد الأمر كذلك وذلك استنادا إلى دراسات أجريت في بلدان متعددة، حيث إن تشخيص المرض عند الرضيع لا يمثل الآن إلا قلة قليلة، وذلك ناتج عن تحول عميق في كيفية ظهور المرض والفئة العمرية التي يتم فيها اكتشافه، وذلك ناتج عن تحسن آليات اكتشاف المرض.
في حالات عديدة تصل إلى 80 في المائة يظهر المرض عند البالغين دون سابق إنذار ودون مشاكل صحية أثناء الطفولة. في حين أن20℅ من الأشخاص الذين يظهر عليهم المرض يكونوا قد تخطوا عتبة الستين.
حاليا يتم تشخيص 9 بالغين مقابل طفل واحد. رغم أن نسبة انتشار الداء عند الأطفال بين عمر 2.5-15 سنة في عموم السكان يتراوح بين 3- 13 /ألف طفل ويساوي تقريبا 1/300طفل. ولايزال التشخيص لا يشمل كل المصابين.
ماذا عن أعراض المرض؟
أعراض المرض هي متعددة جدا ومربكة وفي الغالبية العظمى تصل إلى 80℅ . وفي غالب الأحيان تكون خارج نطاق الجهاز الهضمي، ما يجعل من تشخيص المرض أمرا عسيرا. قد تكون الحالة صامتة كليا ولا تظهر على الشخص المصاب بالداء الزلاقي أية أعراض. لكن تبقى من بين أهم الأعراض التي تدل على المرض نجد فقر الدم، اضطرابات جلدية عبارة عن التهاب الجلد، اضطرابات في الجهاز العصبي من بينها نوبات صرع وصداع نصفي. واللائحة طويلة تشمل كذلك آلام في المفاصل والعظام الناتجة عن هشاشة من الممكن أن تكون جد مبكرة٬ تقرحات متكررة في الفم ومشاكل في لثة الأسنان. بالإضافة لكل هذا يعاني مرضى الداء الزلاقي من أعراض أقل ظهورا للعيان تشمل الضيق والاكتئاب، والعياء المفرط ومشاكل في الإخصاب مع إمكانية حدوث إجهاض متكرر أو مشاكل في الدورة الشهرية إما عبارة عن انحباس في الطمث أو خلل في حجم النزيف الشهري أو مدته أو كذلك انتظامه.
هل من علامات واضحة تظهر في مرحلة الطفولة والتي تدل على وجود المرض؟
تبدأ أعراض المرض في مرحلة الطفولة بعد إدخال القمح في تغذية الطفل، ويحدث عادة بين عمر (1-3) سنوات، وقد تتزامن مع تعفن في الأمعاء. في هذه الحالات٬ يكون هناك إسهال٬ وآلام في البطن مع انتفاخ يكون في بعض الأحيان ملفت النظر مع تكسر في وثيرة النمو ونقص الوزن. من بين مواصفات الإسهال تغير طبيعة البراز ورائحته، فيصبح البراز ذا رائحة كريهة جدا، ودهني، ولونه متبدل ويتسم بكبر حجمه.
ما هي أسبابه وهل يصيب جنسا دون آخر؟
لا يعرف السبب الجوهري للمرض، لكن هناك استعدادا وراثيا له، وبالتالي قد تشاهد الحالة في بعض العائلات أكثر من غيرها، فوجود قريب من الدرجة الأولى كالأب أو الأم أو أحد الأخوة مصابا بالداء الزلاقي يرجح بنسبة (5 إلى 10%)لأن يكون هناك شخص آخر في نفس العائلة مصابا بالمرض. والمرض يصيب النساء أكثر من الرجال بمعدل اثنين إلى ثلاثة أضعاف، كما أن مرضى داء السكري من نوع أ يشكلون فئة شديدة المخاطرة بالإصابة بالمرض بنسبة 5 إلى 10℅. كما أنه من الممكن أن يصاحب الداء الزلاقي مرضا مناعي آخر مثل مشاكل في عمل الغدة الدرقية أو متلازمة شوغرين.
ماذا عن العلاج؟
يبقى العلاج الوحيد للمرض هو حمية خالية من الغلوتين مدى الحياة، رغم أن هناك تجارب في طور الإنجاز لصنع دواء يحجب مادة الغلوتين في الأمعاء. يوجد الغلوتين في القمح والشعير وكثير من المستحضرات الغذائية والأدوية ومستلزمات التجميل ونظافة الفم. هذه الحمية تبيح له الذرة والأرز وليس هناك مشكل مع الخضر والفواكه غير المصنعة. عند تناول أطعمة خالية من الغلوتين يبدأ الالتهاب الناشئ في الأمعاء الدقيقة بالتراجع خلال بضعة أسابيع بشكل عام، ويبدأ الشعور العام بالتحسن خلال أيام من بدء التغيير في النظام الغذائي. هذه الحمية ضرورية لتفادي العديد من المضاعفات منها سوء التغذية، فقد الكالسيوم وانخفاض في كثافة العظام والأعراض المتقدمة الناتجة عن نقص امتصاص الفيتامينات والبروتينات والأملاح المعدنية من الأمعاء، والذي يؤثر على جميع أعضاء الجسم بدون استثناء.