ماذا تفعل الزوجة عندما تجد نفسها مجبرة على تحمل مصاريف بيتها، نظرا لظروف معينة تحول دون قيام الزوج بدوره الرئيسي في التكفل بأسرته ماديا، هل توجد هناك أسر تكون المرأة فيها هي المحور الرئيسي معنويا وماديا في غياب تام للرجل لعدم قدرته على العمل، هذا ما سنعرفه من خلال هذا التحقيق.
أعيل أبناءه ووالدته
خديجة سيدة تبلغ من العمر46 سنة، موظفة في القطاع الخاص، أقعد الشلل زوجها بعد حادثة سير عن العمل منذ ما يقارب 12 سنة، وهي أم لأربع بنات أكبرهن لاتزال طالبة، تتحدث إلينا بمرارة قائلة: “منذ أن فقد وظيفته وأنا ألعب دور الرجل والمرأة في وقت واحد، أعيل أسرتي الصغيرة، وأعيل والدته أيضا التي تسكن معنا، وأصرف عليهم جميعا، خصوصا وأن بناتي لايزلن صغيرات عن العمل، ولذلك أحاول ما أمكن أن أقوم بدوري على أكمل وجه، ولكنه دور متعب جدا خصوصا في ظل متطلبات الحياة الكثيرة ومتطلبات زوجي بشكل خاص، لأنه يستعمل العديد من الأدوية وأجد نفسي مضطرة لأن أضاعف ساعات عملي لكي أحصل على زيادة في الراتب.”
المتأمل في وجه خديجة وهي تتحدث يخيل إليه أنها بلغت الستين من عمرها بسبب ما تعانيه من ألم في الظهر، نتيجة حرصها على أن تشتغل طوال الوقت لتأمين مصاريف أبنائها وزوجها.
تعبت جدا ماديا ومعنويا
أحيانا أطلب من الله لو أن زوجي يجد عملا ولو أقل من مستواه الدراسي بكثير، المهم أن يشتغل لأنني تعبت جدا من التكفل بمصاريف البيت لوحدي. هكذا بادرتنا ليلى معلمة في القطاع الخاص، متزوجة منذ 10 سنوات، وأم لطفلين، وأضافت قائلة: “زوجي فقد وظيفته بسبب خصامه مع مديره، وكان فصله عن العمل وبالا علينا ماديا ومعنويا، أصبح عصبيا جدا، ولكن ما يحز في نفسي -تقول ليلى- هو كوني أصبحت أقوم بعمل مضاعف، وهذا الأمر يتعبني جدا خصوصا وأنني دائما أنصحه بألا يكون عصبيا مع مديره، لأنه دائما يتعرض للطرد من شغله، وتحكي ليلى عن كيفية تدبيرها لمشاكلها المادية بالكثير من الحزن والألم، حيث تقول أبنائي يريدون ملابس للدراسة، ويريدون كتبا مدرسية وأجدني أقترض كل مرة من جاراتي لكي أستطيع تدبر أموري إلى نهاية الشهر.
يعيل أسرته وأنا لا
وليست سميرة وحدها التي تدخل في دوامة القرعة من أجل حل مشاكلها المادية، التي تجد نفسها المسؤول الأول والوحيد عن حلها، حيث تقول زوجي موظف في القطاع العام، منذ زواجنا وهو يحول أكثر من نصف راتبه لأهله، لأن والدته مريضة وهو وحيدها، ولم أستطع أن أتدخل في هذا الأمر أولا لأنها أمه، وثانيا لأنه اشترط علي الأمر منذ البداية ووافقت. لهذا أجدني أقوم بما وعدت به، وهو أن أقوم بالاهتمام بمنزلي وأموري الشخصية دون أن ألجأ إليه. وتضيف قائلة من حسن الحظ أنني لم أرزق بأبناء وإلا كنت الآن أعيش مشكلة حقيقية، ولهذا أؤجل مسألة الإنجاب الآن، وبشكل مستمر لأنني تعبت ماديا كثيرا، وأنا أحاول أن أكون دائما تلك المرأة التي تسعد الزوج ماديا ومعنويا. كثيرة هي النماذج التي وجدنا فيها المرأة محورا أساسيا في التواجد المادي داخل بيت الزوجية، كل نموذج له مشاكله وأسبابه الخاصة، التي جعلت كل واحدة منهن تقوم بإعالة أسرة بكاملها، وتحل محل الزوج ماديا، لدرجة نسيت معها نفسها وأصبحت تشتغل فقط من أجل إسعاد من حولها، وحتى لا يظهر للأبناء على وجه الخصوص أن هناك خللا ما داخل أسرهم الصغيرة.