قال المهدي العلوي الأمراني مختص في العلاج السلوكي المعرفي والعلاج الأسري النقي ،إن العلاقة الزوجية بطبيعتها علاقة تمر بفترات مختلفة على حسب الكثير من المتغيرات و العوامل و قد ساهمت أزمة جائحة كورونا في تأجيج العديد من العلاقات الزوجية و الوصول بها الى النفق المسدود سواء بفعل التأثيرات الاقتصادية او التأثيرات النفسية و الصحية لهذه الجائحة خصوصا مع طول المدة التي استغرقتها أو بكل بساطة نظرا لغياب أرضية صلبة تأسست عليها العلاقة من بدايتها
و لما تصل العلاقة الزوجية لحافة الانهيار فلا يعني بأي شكل من الأشكال أن الأمور باتت خارج السيطرة بصفة نهائية و أن الأمل في رجوع المياه الى مجاريها قد اندثر حيث يتوقف الأمر على الأسباب الحقيقية لتدهور العلاقة خاصة أننا نلاحظ من خلال الممارسة أن هذه الأسباب تكون في بعض الأحيان واهية و غير ذات قيمة و نخص بالذكر أثناء السنوات الأولى للحياة الزوجية حيث نقص الخبرة و النضج لدى الأزواج و سهولة تصريف الانفعالات بطريقة سلبية مع تهويل ما يقع من توترات في العلاقة الزوجية
و تظل مسألة رأب الصدع رهينة بشكل كبير بأسباب وقوع التوتر و ما ترتب عن هذا التوتر من سلوكيات و ردود فعل من الطرفين ففي الحالات التي يكون العنف بشكل من أشكاله قد استفحل في العلاقة الزوجية يصير الوضع معقدا و يصعب الوصول الى حلول عملية تنهي الصراعات و تضمن امكانية انطلاقة ايجابية للعلاقة و ذلك ينطبق على تصرفات يغلب عليها طابع الازدراء و الاحتقار مثلا و بصفة متكررة الى الحد الذي تصبح طبيعية و مألوفة و ترخي بظلالها بشكل مدمر على الحياة الزوجية برمتها
من جهة أخرى فقد أظهرت دراسات عديدة ان الخيانة الزوجية تكون سببا رئيسيا للطلاق و يصعب تفاديه خاصة أن هذه الخيانة تكون في الغالب تلك القطرة التي تفيض الكأس حيث أن المشاكل و التوترات تكون كثيرة و متراكمة بما في ذلك العنف و التباعد الجسدي و الجنسي و انعدام التواصل اليومي و ذلك لفترة طويلة
و أما من جانب النصائح التي يمكن أن نساعد بها أزواجا يعيشون مشاكل و يتصورون أن علاقتهم على حافة الانهيار فنبدأها بضرورة الجواب على سؤال جوهري و بكل تجرد و بعيدا عن الانفعالية من كل طرف على حدة و السؤال هو : هل هناك أسباب و عوامل تدفعني الى التمسك بهذا الزواج و ما هو حجم التنازلات التي أنا مستعد لتقديمها في سبيل انقاذه و من طبيعة الحال يكون ذلك بعد أن يتحمل الشخص مسؤوليته الكاملة و يعترف بكل الأخطاء التي ارتكبها في سيرورة الوصول بالعلاقة الزوجية لطريق شبه مسدود و بالتالي يدفعه ذلك الى الاعتذار للطرف الآخر عن كل ما صدر منه من تقصير و الالتزام بمجموعة أمور لمحاولة بداية صفحة جديدة على أسس متينة و يمكن القول أن هذا التصرف هو صعب للغاية من الناحية العملية نظرا لطغيان الأنا على الشخص و نظرا لصفة العناد و الميولات الانتقامية التي تطغى عليه في ظل علاقة زوجية متوترة يغلب عليها طابع المعاناة و الألم النفسي
و يمكن الجزم أن مفتاح الخروج من النفق الضيق هو عمل جبار من كل طرف على تغيير الذات و مفاوضة حقيقية على مجموعة التزامات عملية حيث أن التحدي سيصبح هو التعاون سويا بجدية و مثابرة على بناء حياة زوجية جديدة بأسس الاحترام و الدعم و الصداقة الزواجية و هو ما يستدعي وضع كل ما حدث في الماضي على الهامش و التركيز على ما يمكن تحسينه و تحقيقه في المستقبل القريب و المتوسط و يستلزم تضحيات و انضباطا الى أبعد الحدود و يمكن للقارئ أن يلاحظ أن صعوبة هذه الخطوات هي التي دفعتنا للبدء بالجواب على السؤال الجوهري قبل أي شيء لأن من شأن ذلك أن يسهل الى حد ما القيام بهذه الخطوات و السير فيها رغم الاكراهات و العراقيل التي قد تواجه الزوجين في هذه الطريق الوعرة