هناك قصص تتكرر بسيناريوهات مختلفة، في عالم الجريمة، لكنها تحمل نفس النتيجة المأساوية: امرأة تصرخ طلبًا للنجدة، والسلطات تتجاهل، حتى تقتل. ماري جينغلز (34 عامًا) لم تكن استثناءً. قبل أسابيع فقط من مقتلها، اتصلت بالشرطة الأمريكية مرارًا وتكرارًا، محذرةً من أن زوجها المنفصل عنها قد يكون على وشك قتلها، لكن صرخاتها ضاعت وسط البيروقراطية والإهمال، حتى جاء اليوم الذي تحقق فيه أسوأ كوابيسها.
حقيبة الموت
في مكالمة طوارئ مسجلة، أبلغت ماري الشرطة عن حقيبة مشبوهة وُجدت في مرآب منزلها، تحتوي على قيود بلاستيكية، شريط لاصق، أربطة تثبيت، وأكياس كبيرة، كلها “أغراض قد يحتاجها لقتلي”، كما قالت بوضوح للمبلغ. لم يكن هذا مجرد افتراض من امرأة مذعورة، بل دليل مادي على نوايا قاتلة. طلبت ماري أمر تقييد جديد ضد زوجها ناثان جينغلز، مؤكدة أن الأوامر السابقة لم تحمِها، لكنها لم تجد استجابة.
14 مكالمة صرخة أخيرة
لم يكن هذا الاتصال الوحيد، بل أجرت ماري 14 مكالمة إلى الشرطة في الأسابيع التي سبقت مقتلها، كل واحدة منها كانت فرصة لإنقاذ حياتها، لكن لم يُلقَ لها بال. واصل ناثان تهديداته، ومضت الحياة وكأن شيئًا لم يكن، حتى جاء صباح 16 فبراير، حين تحولت الكوابيس إلى حقيقة دامية.
المجزرة الصباحية
في فجر ذلك اليوم، دوى الرصاص في منزل ماري في تاماراك بفلوريدا، وأسفر عن مقتلها، والدها ديفيد بونزر (64 عامًا)، وجارها أندرو فيرين (36 عامًا)، بينما كانت ابنتها الصغيرة سرافين (4 سنوات) شاهدة على الجريمة. اختُطفت الطفلة من مسرح الجريمة، ليعثر عليها لاحقًا مع والدها القاتل.
كاميرات المراقبة وثقت اللحظات الأخيرة لماري، وهي تطرق باب جارها بجنون طلبًا للنجدة، قبل أن يلحق بها ناثان حاملاً مسدسه، وابنته الصغيرة تسير بجانبه حافية القدمين. كان المشهد كابوسيًا: امرأة تهرب من موت وشيك، بينما الرجل الذي حذرت منه لأسابيع يرفع سلاحه لينهي حياتها أمام أعين كاميرا المراقبة.
اعتراف متأخر: “لقد فشلنا”
عندما سئل شريف المقاطعة غريغوري توني عن هذه القضية، لم يكن هناك أي مجال للإنكار. “هذه الجريمة حدثت تحت عهدي”، قال، معترفًا بأن الشرطة كان بإمكانها اعتقال ناثان قبل فوات الأوان. “لقد أتيحت لنا فرصة لإنقاذ حياتها، لكننا فشلنا”، اعتراف ثقيل، لكنه لا يغير شيئًا، فقد فات الأوان لإنقاذ ماري ومن أحبتهم.
عدالة بعد فوات الأوان؟
ناثان جينغلز يواجه الآن تهمًا بارتكاب ثلاث جرائم قتل من الدرجة الأولى، بالإضافة إلى تهم تتعلق باختطاف ابنته، انتهاك أمر الحماية، وإساءة معاملة الأطفال. ومع ذلك، فإن هذه المحاكمة لن تعيد ماري، أو والدها، أو جارها للحياة، ولن تعوض سرافين عن فقدان والدتها أمام عينيها.

ختاما هذه القضي يجب أن تؤخذ كتذكير بأن كل مكالمة طوارئ، كل أمر حماية، كل دمعة خوف، يجب أن تؤخذ على محمل الجد، لأن تجاهلها قد يعني إصدار حكم بالإعدام على امرأة أخرى تبحث عن النجاة.