عندما يتحول فراش الزوجية إلى ما يشبه زنزانة تعذيب، ويتحول الزوج من فارس الأحلام، إلى سجان يتفنن في إيذاء أميرته الجميلة التي سعى وراءها بكل وسائله إلى أن قبلت الزواج منه، لتقع كغزالة جميلة ضعيفة في شباك صياد قاس يجد في جراحها وعذابها متعته.
حكاية من العنف الجنسي خلفت وراءها أحزانا وإصابات في الجسد والنفس، ومثلما بدأ الزواج بلقاء وردي في فراش الزوجية، وعلى أنغام احتفالية الزواج المبهجة، كانت نهايته كذلك على نفس الفراش، ولكنها نهاية محزنة مهينة يملؤها الندم والألم.
“سعاد” مطلقة في التاسعة عشر من عمرها، فتاة، لم يستطع حزنها إخفاء جمالها، لم يدم زواجها طويلا، اقتربت منها “لالة فاطمة ” لتعرف حكايتها، وبعد محاولات وافقت أن تحكي لنا: تزوجت لشهر واحد فقط لكنه كان شهرا كألف عام، عرفت فيه ما لم أكن أتخيله ولا حتى سمعت عنه، تتوقف عن الكلام لتغالب دموعها، ثم تكمل، فتقول: كنت أنهيت دراستى الثانوية وكنت أستعد للالتحاق بالجامعة عندما تقدم لي رجل عن طريق إحدى قريبات والدتي، هو في السادسة والثلاثين لديه عمله الحر وبيت اشتراه حديثا في حي راق بالرباط، لديه سيارة صغيرة حديثة، هذه “المواصفات” جعلت والدتي ترحب بالأمر وتحاول إقناعي بأن الزواج هو المستقبل الحقيقي لأي فتاة، وأن الجامعة لا تحقق شيئا بل تستهلك سنوات العمر دون فائدة، وحتى بعد الجامعة فالزواج هو الهدف والمآل حيث الأسرة والاستقرار، ومادام الاستقرار يمكن أن يتحقق مبكرا فلا داعي للجامعة، وخصوصا أن العريس يريد زوجة تعتني به وببيتها، وليست طالبة تشغلها الكتب والدراسة عنه، وافقت عندما وجدت إجماعا من كل من حولي على صفات الرجل وإمكانياته وعلى الحياة الهانئة التي تنتظرني.
زارنا ثلاث مرات قبل أن نتزوج، لم أستطع أن أتعرف على شخصيته ولا حتى تكوين أي انطباع عنه، فلم أحس أنه إنسان رقيق، كما لم أشعر أنه قاسي الطباع، كانت الفترة قبل الزواج قصيرة جدا، ولكن لا بأس فبعد الزواج يأتي الحب، هذه كانت حكمة والدتي المفضلة، ثم تم الزواج.
في ليلة الدخلة كنت مرهقة تماما إذ لم أكن أنام جيدا قبلها، عندما دخلت غرفة النوم كنت بكامل ملابس العرس، وقفت لحظة أمام المرآة لأرى كيف أبدو فقد كنت محط أنظار كل من في الحفل ولساعات طويلة، بينما أتأمل وجهي وفستاني في المرآة رأيت زوجي من ورائي، ابتسمت وشعرت بالخجل، لم تمر إلا لحظات عندما أحسست به وكأنه يهجم علي ليجذبني بقوة أصابتني بالفزع، آلمتني يداه، كتمت صوت الألم، أبتعد خطوة إلى الوراء، ثم بدأ في تجريدي من فستان الزفاف بخشونة، حاولت أن أكون لينة لأساعد في نزع الفستان حتى لا يتمزق وحتى لا أصاب بأذى، فقد كان يتصرف بجنون أصابني بالرعب والصدمة، حاولت أن أبتعد لكن لا مجال للهرب من وحش قوي، أصابتني المفاجأة بالذهول وهو ينقض علي ويحملني ليلقي بي على الفراش، صرخت واستولى الرعب على قلبي ولم أستطع أن أنهض من مكاني، كان الأمر مرعبا عندما هددني بقبضة يده إذا تحركت من مكاني وبدأ في تقييد قدماي ويداي وربطها بقوائم السرير مستخدما أغطية الفراش، كنت أصرخ بينما هو يصفني بالجنون.
بعد أن انتهى هذا اللقاء الحميمي الكارثي، وبينما كنت غارقة في الدموع والدماء والصدمة كان هو في حالة نشوة مجنونة وكأنه فارس الفرسان، ثم بدأ يشرح لي أن اللذة الحميمية ليست مجرد لقاء رومانسي، لكنها حدث استثنائي بين الأنوثة والفحولة، إن لم يصاحبه الألم والصراخ أصبح كمجرد جلسة على شاطئ البحر، أو حتى جلسة بين صديقتين! صدمتني قناعاته وأفكاره، ولكني لم أصمت وصارحته برفضي لتلك المعاملة لأنها طريقة منفرة قاسية، ولن يمكنني تحملها، ضحك قائلا: مازلت صغيرة وستحبين ذلك وسيأتي اليوم الذي تطلبين فيه أنت أن أعاملك بطريقتي هذه.
فكرت في مغادرة البيت في اليوم التالي، ولكن كانت التساؤلات والاتهامات ستلاحقني بقية حياتي، لذلك صبرت وحاولت إقناع زوجي بعدم قدرتي على التحمل لمثل تلك الممارسات، لكن ماحدث في الليلة الأولى تكرر بالليلة التالية الفرق فقط أنني كنت متعبة أكثر، وكان الألم الموضعي مازال قويا، كنت مازلت تحت تأثير الصدمة النفسية، ولكني كنت قد قررت الصبر لأكمل شهرا، ثم أهرب من البيت لغير رجعة، تحاملت على نفسي ولم أصرخ وكانت تلك غلطتي الكبرى، عندها اكتشفت أن صراخي هو أحد أهم أسباب شعور زوجي بالنشوة، وإن لم أصرخ فسيزيد من قسوته حتى يحصل على اللحن الذي يسعده وهو صراخ الألم والجراح من سجينته الضعيفة.
غادرت سجن الزوجية، ولم أعد له مرة ثانية وحصلت على الطلاق بعد معاناة، وسعادتي بالطلاق والنجاة تفوق سعادتي بالزواج ألف مرة، وليتني أستطيع أن أقابل أي فتاة يضعها قدرها في طريق هذا الرجل لأحذرها من الزواج منه.