شهدت ساحة باب الماكينة بفاس، مساء الخميس، أمسية فنية وروحانية استثنائية ضمن فعاليات مهرجان فاس للثقافة الصوفية، حيث أبدعت الطريقة الصقلية بعروض إنشادية وموشحات صوفية أخذت الجمهور في رحلة من الروحانية والفن الأصيل.
أذكار وابتهالات تنبض بالحب الإلهي
أسرت المجموعة الصقلية حضور الأمسية بأصواتها التي شقت الطريق إلى قلوب المغاربة والأجانب على حد سواء، من خلال أذكار وابتهالات تتغنى بحب الرسول عليه الصلاة والسلام ومحبة الله وعظمة الكون.
تفاعل الجمهور بحرارة مع الموشحات والترانيم التي جسدت عمق الروحانية وتجذر هذه الطريقة في التراث المغربي، فيما تحولت الساحة إلى فضاء من النشوة الروحية والتواصل الجماعي.
تاريخ عريق وروح صوفية متجددة
تعود الطريقة الصقلية إلى القطب مولاي أحمد الصقلي الذي أسس زاويته في القرن السابع عشر، وما تزال زاويته بفاس مركزًا دائمًا للذكر والسماع، حيث تتحول الحلقات أحيانًا إلى ما يُعرف بـ”الخمرة” أو النشوة الروحية.
تمثل هذه الطريقة نموذجًا حيًا للتراث الصوفي المغربي، الذي يوازن بين الفن الروحي والإنشاد المديحي، محافظة على مكانتها بين جمهور محبي التصوف داخل المغرب وخارجه.
العيساويون يضفون ألوانًا إضافية
شهدت الأمسية مشاركة الطائفة العيساوية سمر البهجة بفاس، التي أضفت على الحدث بعدًا آخر من خلال الرقص الجماعي والابتهالات الدينية والإنشاد الروحاني، بما يعكس ثراء وتنوع التراث المغربي الأصيل.
وجاء تفاعل الجمهور مع الأداء العيساوي حافزًا لإبراز الدور الكبير الذي تلعبه الطقوس الصوفية في الحفاظ على الهوية الثقافية والروحية للمدينة.
تأكيد على الرسالة الروحية والفنية
أكد محمد بنيس، عضو المجموعة الصقلية، أن مشاركتهم في الدورة الحالية جاءت ضمن الاحتفال بالذكرى الخامسة عشرة للمولد النبوي الشريف، موضحًا أن فن السماع والمديح يعكس سمو الروح وتجلي الإيمان.
من جهته، شدد نبيل الغزالي، مقدم الطائفة العيساوية، على أن المهرجان أصبح منصة مهمة لدعم الطاقات الشابة وإبراز التراث العيساوي في الوجدان المغربي، مضيفًا أن هذا الحدث يعزز التواصل بين مختلف التقاليد الروحية.
مهرجان فاس.. جسور بين الفن والتصوف
تنظم جمعية مهرجان فاس للثقافة الصوفية الدورة السابعة عشرة تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، من 18 إلى 25 أكتوبر الجاري، تحت شعار: “شعرية العيش.. الفنون في أبعادها الروحانية”.
ويهدف المهرجان إلى إبراز غنى التراث الصوفي المغربي فنياً وفكرياً وروحياً، وخلق فضاء للحوار بين التقاليد الروحية من مختلف أنحاء العالم.
ويشمل البرنامج أمسيات شعرية وندوات فكرية تتناول قضايا معاصرة مثل الإيكولوجيا، السلام الداخلي، والتعايش، لتجعل من فاس مركزًا يحتفي بروح التصوف وجمال الفنون الروحية.