سؤال طرحته لالة فاطمة على الأخصائي النفسي والمعالج الأسري الأستاذ المهدي العلوي الأمراني، الذي أكد أن التربية تعتبر علما وفنا في آن واحد، يتحمل مسؤوليتها كلا الوالدين على حد سواء، وتحتاج إلى جهد وصبر كبيرين خصوصا في عصرنا الحالي مع كثرة المؤثرات الخارجية وتطور الحياة العصرية..
وأوضح المعالج الأسري أنه في الغالب الأعم نجد أن المرأة هي التي يعهد إليها بالجزء الأكبر من العملية التربوية سواء طواعية منها أحيانا أو لكون الرجل يكون مهملا أو غير واع بالدور الذي يجب أن يلعبه في هذا الإطار. ومن طبيعة الحال، فهذا الوضع رغم كونه السائد للأسف الشديد فهو وضع شاذ و يترتب عليه عواقب وخيمة على المدى المتوسط والبعيد. إذ من المستبعد أن تنجح تربية الأطفال، في ظل الغياب الكبير للأب، رغم المجهود الجبار الذي تبذله الأم لتجاوز هذا النقص، والذي يؤثر عليها سلبا في آخر المطاف وعلى كل أفراد الأسرة، ويبلغ العبث مداه حينما يصل الأمر بالأب لتسمية الابن ‘ابني” عندما ينجح في أمر من الأمور، فيما تتغير التسمية رأسا على عقب في حالة الفشل، فيقرنه بالأم حتى يلصق هذا الفشل بها فيقول “ابنك”، وبالتالي يحمل الأب كل أخطاء الأبناء للأم المسكينة والمغلوبة على أمرها..
ويشرح الأخصائي النفسي، أن الغياب المستمر للأب يترتب عليه سلوكيات سلبية للأبناء يكون الهدف منها دق ناقوس الخطر وجلب انتباه الأب وزعزعة ما يمكن زعزعته لتمكينه من الوعي بدوره وضرورة تحمل مسؤولياته اتجاه الأسرة بأكملها سواء مع الزوجة أو مع هؤلاء الأبناء الذين يحاولون أيضا بالأعراض التي يظهرونها حماية الأم من الإصابة باكتئاب مثلا جراء المعاناة التي تعيشها مع زوج مهمل ومتنصل من مسؤوليته لعدة سنوات..
ويؤكد المهدي العلوي الأمراني أن من واجب المرأة أن تختار زوجا بمعايير واضحة من بينها كونه إنسان واع بالواجبات الملقاة على عاتقه، ليس فيما يخص الجانب المادي فحسب، لكن من جميع الجوانب ومن أهمها الجانب التربوي مع ضرورة الاتفاق معه على حد أدنى من المتابعة والاهتمام بصفة دورية تبعا لتطور حياتهم وظروفهم المعيشية، ثم الحرص الشديد على أن تبقى العلاقة الزوجية متينة ومتوازنة رغم التحديات الكثيرة التي تعتريها، حيث أن أهم امتياز يمنحه والدان لأبنائهما هو توفير جو من الحب والود يبدأ قبل كل شيء بعلاقتهما الزوجية وهو ما يغفل عليه الكثير من الوالدين. كما يجب عليها إشراكه منذ البداية في عملية التربية والحرص على انخراطه الفعلي رغم الهفوات التي من الممكن أن تقع منه جراء عدم تعوده على بعض الواجبات التي تتقنها المرأة أكثر مع عدم انتقاده الشديد وتوجيهه بلطف وروية حتى يتعود تدريجيا على مد يد العون لها بكل سرور ومتعة حتى في أبسط الأمور، وبالتالي يحصل التعلق الايجابي بين الأب وأبنائه ويتواصل التعاون بينهما مع استمرار السنين بكل سلاسة. أما حين يكبر الأبناء، يقول الأخصائي النفسي والمعالج الأسري، فجب على الأم أن تحرص على حسن علاقتهم بأبيهم خاصة الذكور منهم رغم تداعيات مرحلة المراهقة وبعض مظاهر التوتر التي من الممكن أن تظهر من حين لآخر وتتعمد اللجوء إليه ومشاورته حتى في الأمور البسيطة لكي. ويخلص المعالج الأسري إلى أن تحدي التربية هو من أصعب التحديات الحاضرة والمستقبلة، وزيادة العلم بمهاراتها أضحى من الضروريات التي لا غنى عنها للوالدين والمربين للقيام بدورهم أحسن قيام، كما أن تعاون الوالدين ومساعدة الواحد منهم الآخر بالإضافة لتفادي سلبيات الحياة العصرية هي من الأمور الكفيلة بتسهيل العملية التربوية والتخفيف من وطأة معاناته