خلال عقود طويلة بقيت الأشغال والأعباء المنزلية بعيدة عن الدراسات السوسيولوجية، قريبة من الدراسات القانونية والاهتمامات الحقوقية والحس الإنساني، إلى ان انتبهت سوسيولوجية العائلة وسوسيولوجية الحياة اليومية لأهمية هذا الموضوع.
هذا الابتعاد السوسيولوجي عن دراسة قضايا ومخلفات الأشغال المنزلية كانت له مبرراته، باعتبار التأثيرات الثقافية والتاريخية التي كانت سائدة طوال تلك العقود. وباعتبار أن بعض السوسيولوجيين كانوا يعتبرون أن الأشغال والأعباء المنزلية لا ترقى إلى مستوى الاهتمام الأكاديمي والبحث العلمي الرصين، والقضايا الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية الكبرى للمجتمع.
المجتمات البشرية أنذاك كانت تركز على مبدأ تقسيم العمل، أو بعبارة أخرى، توزيع مجالات الانشغال ىوالاشتغال، اعتمادا على مقاربة النوع، واعتمادا أيضا على طبيعة وتكوين الجسدـ ومن هنا جاء التميز المعروف بين الجنسين، حيث إن الإناث يصنفن جنسا لطيفا، والذكور جنس خشن، لهذا كانت الأعباء القاسية والشاقة والخارجة عن مقر الإقامة الاعتيادي تسند طبيعيا وتلقائيا للذكور. والأشغال السهلة نسبيا والأعباء المنزلية وتربية الابناء، عادة ما تسند للإناث.
ولكن لا يمكن أن ننكر بأن العديد من الطابوهات بدأن تتكسر، ومن بينها ذلك الموقف السلبي من مساعدة الأزواج لزوجاتهم في الأشغال المنزلية. والكثير من الناس لا يجدون حرجا في ذلك ولا يعتبرن مساعدة الزوجات في الأشغال المنزلية مسا بكرامتهم أو نقصا من رجولتهم. مساعدة الزوجات وتبادل الأدوار بين الأزواج مظهر حضاري يزيد من يقوم بذلك علوا ورفعة واحتراما، ذلك لأن الحياة الزوجية مشروع مشترك بين الزوج والزوجة، والاشتراك يجب أن يعم كل جوانب الحياة الزوجية.