تحولت مدينة مراكش، على مدى يومين، إلى منصة إفريقية نابضة بالحيوية والتفاؤل . حيث احتضنت النسخة الأولى من قمة YES Africa لتمكين الشباب، التي نظمتها مؤسسة “جدارة” بشراكة مع الاتحاد الإفريقي للشباب، بمشاركة أزيد من 500 مشارك من 54 دولة. شكل هذا الحدث لحظة فارقة لتبادل الرؤى و أيضا صياغة توصيات عملية تمهّد لبروز رؤية جديدة من داخل القارة تحرر طاقات الشباب وتدمجهم في صلب مسارات التنمية.

بيان مراكش: أرضية شاملة لتحرير طاقات الشباب الإفريقي
توجت أشغال القمة باعتماد “بيان مراكش لتحرير طاقات الشباب الإفريقي”. الذي يقدّم تصورًا جماعيًا لبناء قارة إفريقية قادرة على احتضان طموحات شبابها، عبر مجموعة من التوصيات العملية. من أبرز هذه التوصيات:
- دمج فئة الشباب غير النشيط (NEET) في السياسات العمومية من خلال برامج للتكوين والإدماج الاقتصادي وريادة الأعمال.
- الاعتراف بالمؤهلات غير النظامية التي يكتسبها الشباب في بيئاتهم، وإرساء آليات للاعتراف المتبادل بين الدول الإفريقية في ميادين التعليم والتكوين المهني.
- تعميم آليات التوجيه والإرشاد عبر منصات رقمية وبرامج مرافقة، لتحفيز الشباب على الانتقال من الانتظار إلى الفعل والمبادرة.
- تنويع آليات التمويل عبر إشراك القطاع الخاص، والاعتماد على التمويل الجماعي، وربط المنظمات الشبابية بشبكات التمويل داخل وخارج القارة.
- تقييم مستمر لأثر البرامج ووضع مؤشرات لقياس التقدم، مع تطوير شراكات بين الحكومات والمجتمع المدني والجهات المانحة.
من التوصيات إلى التنفيذ: شراكات ملموسة ومسارات قابلة للقياس
لم تكتف القمة بإصدار توصيات نظرية بل انطلقت نحو التنفيذ العملي من خلال توقيع عدد من الاتفاقيات بين مؤسسة “جدارة” والاتحاد الإفريقي للشباب. و ذلك بهدف تطوير هندسة تكوينية موجهة للمنظمات غير الحكومية الإفريقية. هذه المبادرات تشمل:
- منصة تعليمية إلكترونية
- ورشات مهنية تطبيقية
- برامج توجيه ميدانية
وفي تصريح له، أكد حميد بلفضيل، رئيس مؤسسة جدارة، أن الهدف من القمة لم يكن فقط تقديم رؤية. بل أيضا بناء منظومة متكاملة جاهزة للتنفيذ. وقال:
“نحن نؤسس لحركة قارية تؤمن بالشباب وتمنحهم الأدوات أيضا وليس فقط الشعارات”.
من جانبها، أبرزت أميمة محيجير، المديرة العامة للمؤسسة، أن التوصيات خرجت من صلب الميدان، مضيفة:
“هناك أكثر من 70 مليون شاب ينتظرون أن نترجم هذا الالتزام الجماعي إلى فرص واقعية”.

إشادات دولية ومواقف داعمة
أشاد العديد من الشخصيات البارزة بالدينامية التي خلقتها القمة، وعلى رأسهم الوزير السابق للشؤون الخارجية في السنغال الشيخ تيديان غاديو. الذي نوه بالدور الريادي للمغرب في تعبئة الجهود حول تمكين الشباب، قائلا:
“تحرير طاقات الشباب لم يعد ترفا، بل هو مفتاح النهضة الإفريقية”.
أما ماموني ديالا، رئيس الاتحاد الإفريقي للشباب، فصرّح بأن القمة طرحت أولويات جوهرية على الطاولة. وهي التعليم، التكوين، و توفير الفرص الاقتصادية أيضا ، مشددا على أهمية التحالفات والإرادة السياسية لخلق بيئة حاضنة لأحلام الشباب.
رؤية مستقبلية مستلهمة من التوجيهات الملكية
نجاح هذه القمة من حيث التنظيم والمحتوى شكّل تجسيدًا عمليًا للرؤية المتبصرة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله. الذي ما فتئ يؤكد على مركزية الرأسمال البشري، وضرورة تمكين الشباب الإفريقي باعتبارهم بناة المستقبل.
بهذا الزخم الجماعي تكون قمة YES Africa قد أرست لبنة أولى نحو مقاربة جديدة لقضايا الشباب بالقارة. قوامها العمل ثم التشارك، والابتكار.