هزّت ولاية جورجيا الأميركية خلال الأشهر الماضية جريمة مرعبة وغامضة، راح ضحيتها زوجان قتلا بوحشية أثناء نومهما، والمشتبه بها لم تكن سوى ابنتهما المراهقة، التي لم تكتفِ بفعلتها، بل لجأت إلى منصة “تيك توك” تنشر مقاطع حزينة وتطلب الدعاء، وكأنها الضحية!
سارة غرايس باتريك، البالغة من العمر 17 عامًا، وجهت إليها تهمة قتل والدتها كريستين بروك (41 عامًا) وزوج والدتها جيمس بروك (45 عامًا)، بإطلاق النار عليهما داخل منزلهما في منطقة تايوس، غرب أتلانتا، في 20 فبراير المنصرم .

مكالمة الطوارئ… والطفلة تكتشف الجريمة
في صباح اليوم نفسه، أجرت سارة اتصالًا برقم الطوارئ، مدّعية أن شقيقتها الصغرى، البالغة من العمر خمس سنوات، عثرت على الجثتين داخل غرفة النوم. لم تظهر أي علامات اقتحام أو سرقة، لكن المشهد كان مروعًا إلى درجة أن أحد المحققين وصفه بـ”المذبحة الصامتة”.
ورغم هول الجريمة، بقيت تفاصيلها مبهمة لأسابيع، حتى بدأت سارة تثير الريبة بسلوكها على مواقع التواصل.

“تيك توك”… مسرح لحزن مصطنع
بعد أيام من الحادثة، بدأت سارة تنشر مقاطع مؤثرة عبر حسابها في “تيك توك”، تظهر فيها باكية ومتفجعة، تطلب “الدعاء” وتتحدث عن ألم الفقد. كتبت في أحد المقاطع:
“لو سألتموني عن أمي وزوجها، سأقول إنني أفتقدهما… لكن في أعماقي، كل ما أريده هو العودة إلى البيت.”
وفي فيديو آخر، نشرت صورًا للضحيتين وعلّقت:
“لن يشهدا تخرجي… ولا زفافي… ولن يقولوا لي وداعًا.”
الغريب أنها تواصلت مع إحدى صانعات المحتوى المتخصصات في الجرائم، مطالبة إياها بتغطية القضية، مدّعية أن “قاتلًا مجهولًا” اقتحم المنزل و قتل والدتها و زوجها . كما شاركت سارة في التعليقات، وقدّمت تفاصيل دقيقة عن مكان الجريمة، ما أثار مزيدًا من الشبهات.
خيوط تتكشّف… والمراهقة تسلّم نفسها
رغم تمثيلها المتقن على المنصات، لم تنطلِ الحيلة على المحققين. فبعد أشهر من التحريات، ألقت شرطة مقاطعة كارول القبض على سارة، التي سلّمت نفسها برفقة والدها البيولوجي عقب صدور مذكرة توقيف بحقها.
وجهت إليها تهمتا قتل وتهمتان بالاعتداء المشدد، وستحاكم كشخص بالغ، رغم أن عمرها وقت الجريمة لم يتجاوز السادسة عشرة..
المفاجأة أن أحد المحققين أشار إلى أن خطاب سارة خلال جنازة والدتها كان “نقطة تحوّل” في سير التحقيق، لما تضمّنه من عبارات غامضة لم تفهم في حينها.

دوافع غامضة… وأسئلة بلا أجوبة
حتى الآن، تظل دوافع المراهقة مجهولة. أما الطفلة الصغيرة، التي كانت شاهدة على الكارثة، فقد وصفها المحققون بأنها “أكثر من عانى من الجريمة”، بعدما استيقظت على مشهد لا يمحى من الذاكرة.
المعلومات المتوفرة تشير إلى أن جيمس بروك، الزوج الضحية، كان ينتظر عملية زرع قلب، فيما كانت سارة تعيش حياة مضطربة بين منازل الأقارب بعد طلاق والدَيها.
تيك توك”… عندما يتحوّل التمثيل إلى دليل إدانة
قضية سارة باتريك أعادت تسليط الضوء على تأثير وسائل التواصل الاجتماعي، وخطورة تلاعب المراهقين بالواقع عبر الشاشات. كيف لمراهقة أن ترتكب جريمة بشعة، ثم تنجح في إقناع آلاف المتابعين بأنها ضحية تستحق التعاطف؟
المحققون يؤكدون أنهم لا يستبعدون تورط أطراف أخرى في القضية، وما زال التحقيق مستمرًا.
جريمة سارة ليست مجرد مأساة أسرية، بل جرس إنذار حول الصحة النفسية، وضغوط وسائل التواصل، وضرورة مراقبة سلوكيات المراهقين.
فبينما تبدو الصور جميلة على الشاشة… قد تخفي خلفها ما هو أبشع بكثير.