برزت كياندرا براون كاستثناءٍ لافت في عالم كرة السلة الجامعية، حيث القوة والسرعة هي العنوان الأبرز. لم تكن مجرّد لاعبة ماهرة في فريق جامعة دوكين ببيتسبرغ، بل كانت رمزًا للإصرار والقدرة على تحقيق التوازن بين الرياضة والإيمان. ارتدت براون الحجاب في الملعب، فواجهت تحديات لم تكن في الحسبان، لكنها قررت أن تصنع طريقها الخاص، غير مكترثة بالعقبات.
تحوّل مصيري
لم يكن الإسلام جزءًا من نشأة براون، لكنها اعتنقته قبل سنوات قليلة، ليصبح أكثر من مجرد معتقد، بل أسلوب حياة. ومع ازدياد التزامها بتعاليمه، وجدت نفسها أمام معضلة لم تكن تتوقعها: الملابس الرياضية التقليدية لا تتماشى مع معايير الحشمة التي باتت تؤمن بها. لم تكن تريد التخلي عن كرة السلة، لكنها في الوقت ذاته لم تستطع التغاضي عن مبادئها.
ظلت تتساءل: لماذا لا توجد خيارات رياضية مناسبة للنساء المسلمات؟ لماذا يفرض عليهن الاختيار بين الشغف والالتزام الديني؟ لم تقبل براون بهذه الثنائية، وبدلاً من ذلك، قررت أن تبتكر حلّها بنفسها.
تقرؤون أيضا :عيد المرأة: احتفاء عالمي بنضالات النساء
ولادة حلم جديد
لم تنتظر براون دعم العلامات التجارية الكبرى، ولم تتراجع أمام صعوبة الفكرة. بل أطلقت مشروعًا ناشئًا لتصميم وبيع ملابس رياضية محتشمة تناسب الفتيات المسلمات. في البداية، كانت مجرد مبادرة بسيطة، تعتمد على طلبات مباشرة عبر إنستغرام، لكنها حملت معها طموحًا أكبر من مجرد متجر صغير.
لكن نجاح المشروع لم يكن التحدي الوحيد. فظهورها بالحجاب على أرض الملعب كان كفيلًا بإثارة ردود فعل متباينة. البعض رأى في الأمر خطوة جريئة، بينما تساءل آخرون عن مدى تقبّل الحجاب في رياضة تتطلب حرية حركة كبيرة. ورغم ذلك، لم تسمح براون لهذه التساؤلات بأن تضعف عزيمتها. كانت كل مباراة تلعبها، وكل سلة تسجّلها، دليلًا جديدًا على أن الإيمان والرياضة يمكن أن يلتقيا في نقطة واحدة.
ما بعد التخرج.. طموح لا حدود له
اليوم، وبين دراستها للماجستير في إدارة الأعمال، وتدريبها كلاعبة محترفة، وإدارتها لمشروعها الخاص، تفكر براون في الخطوة التالية. هل ستواصل مسيرتها الرياضية؟ أم ستتجه إلى توسيع علامتها التجارية لتصل إلى فتيات أخريات يبحثن عن التوازن ذاته؟
ما هو مؤكد أن براون ليست مجرد رياضية، بل هي نموذج يحتذى به. قصتها ليست عن كرة السلة فقط، بل عن الإصرار على إيجاد حلول حيث يراها الآخرون مستحيلة، وعن الشجاعة في تحدي القوالب الجاهزة، وعن شابة لم تختر أن تكون ضحية للظروف، بل قررت أن تكون صانعةً لها.
في عالمٍ ما زال يفرض معاييره الخاصة، اختارت براون أن تصنع مساحتها بنفسها، حيث يمكن للحجاب والشغف أن يتعايشا بانسجام، وحيث تكون الرياضة حقًا للجميع، دون أن يضطر أحدٌ للتنازل عن هويته.