لجأ شباب نيبال إلى منصة التواصل المخصصة عادة للألعاب الإلكترونية “ديسكورد”، لاختيار رئيسة وزراء مؤقتة بعد الإطاحة بحكومتهم. في خطوة غير مسبوقة على الساحة السياسية العالمية . القرار الذي بدا في البداية وكأنه تجربة رقمية عابرة، تحول إلى واقع سياسي حين أعلنت السلطات النيبالية تعيين القاضية السابقة سوشيلا كاركي رئيسة للحكومة الانتقالية، في انتظار انتخابات عامة مرتقبة في مارس 2026.
احتجاجات أطاحت بالحكومة
بدأت الشرارة حين قررت الحكومة السابقة حظر عدد من تطبيقات التواصل الاجتماعي بحجة مخالفتها للقوانين المحلية. ما اعتبره الشباب محاولة لتكميم الأصوات وفرض قيود على حرية التعبير. خرج الآلاف إلى الشوارع، وتصاعدت الاحتجاجات لتتحول إلى مظاهرات عارمة تسببت في مئات الإصابات وعشرات القتلى، وأجبرت الحكومة على الاستقالة وحل البرلمان.
منصة الألعاب تتحول إلى ساحة سياسية
وسط حالة الفراغ السياسي، أطلق ناشطون شباب عبر حركة “Hami Nepal” خادماً على “ديسكورد” بعنوان “Youths Against Corruption”. تحولت المنصة إلى فضاء مفتوح للنقاشات والحوارات، حيث جرى تقديم الترشيحات، طرح الأسئلة، والاستماع لآراء الخبراء، قبل الانتقال إلى مرحلة التصويت.
اختيار القائدة لم يكن عشوائياً، بل جاء بعد جولات من المناقشات شارك فيها آلاف الشباب من داخل نيبال وخارجها. في النهاية، وقع الاختيار على سوشيلا كاركي، القاضية المعروفة بمواقفها الصارمة ضد الفساد، لتقود البلاد مؤقتاً.
لحظة تاريخية لنيبال
أصبح تعيين كاركي أول مرة تصل فيها امرأة إلى منصب رئاسة الوزراء في تاريخ نيبال. قرار حمل رمزية مزدوجة: كونه انتصاراً للنساء في الحياة السياسية من جهة، وتجربة رائدة في اعتماد التكنولوجيا الرقمية كأداة ديمقراطية من جهة أخرى.
بين الطموح والتحديات
يرى مراقبون أن التجربة قد تشكّل نموذجاً جديداً للديمقراطية المباشرة في عصر المنصات الرقمية، حيث يتم إشراك الشباب في صناعة القرار بشكل فعلي وشفاف. لكن بالمقابل، تطرح تساؤلات حول مدى صلابة هذه التجربة أمام تحديات الشرعية، الأمن، وإمكانية التلاعب بالتصويت الرقمي.
ختاما بينما تترقب نيبال انتخابات مارس 2026، يظل ما حدث سابقة عالمية: شباب غيّروا مجرى السياسة باستخدام أداة ولدت للترفيه، ليضعوا بلادهم أمام أول رئيسة وزراء في تاريخها. تجربة نيبالية قد تعيد تعريف علاقة التكنولوجيا بالديمقراطية، وتفتح الباب أمام طرق جديدة لممارسة الحكم في القرن الحادي والعشرين.