تتوارى خلف جدران المنازل قصصٌ تحمل في طياتها أوجاعًا لا يعلمها أحد إلا بعد وقوع المأساة. قصصٌ تحكي عن الألم، الوحدة، والانهيار النفسي الذي قد يدفع الإنسان إلى حافة الظلام. في عام 2017، اهتزّت مدينة أتلانتا بجريمة صادمة هزت مشاعر المجتمع وخلّفت أثرًا لا يمحى.
لامورا ويليامز، شابة في الرابعة والعشرين من عمرها، أقدمت على ارتكاب جريمة مروعة كان ضحاياها طفليها الصغيرين. وصف والد الطفلين المشهد بأنه “كابوس حي” و”فيلم رعب حي”، في قصة تشهد على قسوة الانهيار النفسي الذي أودى بحياة أبرياء.
مأساة ليلة الجمعة 13: بداية الحكاية
بدأت المأساة عندما اتصلت لامورا ويليامز بالشرطة بصوت يائس لتبلغ عن وفاة طفليها. “عدت من العمل لأجد طفليَّ ميتين”، هكذا زعمت. لكن الأمر لم يتوقف عند هذا الحد. إذ أجرت لامورا مكالمة فيديو مع والد الطفلين، جميل بن، لتريه الجثتين، المشهد الذي وصفه: “ما رأيته كان كابوسًا حيًا، وكأنني في فيلم رعب حي. لم أصدق أن طفليَّ انتهيا بهذا الشكل.”
بدوره، اتصل جميل بالشرطة للإبلاغ عن الجريمة، لتبدأ السلطات التحقيق في واحدة من أبشع الجرائم التي شهدتها المدينة.
التحقيقات تكشف المستور
خلال التحقيقات، حاولت لامورا تبرئة نفسها بادعاء أن الأطفال كانوا تحت رعاية شخص آخر أثناء غيابها. ولكن الشرطة كشفت أن لامورا كانت المسؤولة الوحيدة عن الطفلين وقت وقوع الجريمة.
تقارير الطب الشرعي أكدت أن الطفلين فارقا الحياة نتيجة التعرض لحرارة عالية لفترة طويلة. وصف الخبراء هذا التصرف بأنه “نية متعمدة وإصرار على القتل”. هذا الاكتشاف المروع عزز الاتهامات ضد لامورا، التي باتت تواجه مصيرًا لا مفر منه.
الطفل الناجي: الشاهد الصامت
وسط هذه المأساة، كان هناك طفل ثالث، جميل الصغير البالغ من العمر ثلاث سنوات، الذي نجا من المصير المحتوم. لم تكشف تفاصيل حالته النفسية، لكنه بلا شك يحمل في داخله جروحًا نفسية سترافقه طوال حياته، بعد أن شهد فصول الجريمة القاتمة.
خلفية مأساوية: اضطرابات نفسية وضغوط حياتية
عائلة لامورا ألقت اللوم على حالتها النفسية المتدهورة. والدتها صرحت بأنها كانت تعاني من اضطرابات عقلية حادة تفاقمت بعد انفصالها عن والد الطفلين. أصدقاؤها أكدوا أن حياتها كانت مليئة بالضغوط، حيث قالت لصديقتها نيسا سميث في إحدى المرات: “لم أعد أتحمل.”
لكن، مهما كانت الأسباب، يبقى السؤال: كيف لم تلتقط إشارات الخطر قبل أن تصل الأمور إلى هذه النقطة؟
النهاية: حكم بلا رحمة
بعد سلسلة من التأجيلات بسبب جائحة كورونا، التي أتاحت لفريق الدفاع عرض حالتها أمام مختصين نفسيين، صدر الحكم النهائي بحق لامورا. حيث أدينت بـ14 تهمة، شملت القتل العمد والاعتداء الوحشي وإخفاء الأدلة. وحكم عليها بالسجن مدى الحياة دون إمكانية إطلاق السراح المشروط.
رسالة للعبرة
هذه الجريمة المروعة تفتح أعيننا على أهمية الاهتمام بالصحة النفسية ودعم الأفراد الذين يمرون بأزمات نفسية. إنها دعوة لكل منا لنكون يقظين، ولنعمل على حماية الأطفال وتوفير بيئة آمنة لهم.
في عالم يحمل الكثير من القسوة، علينا أن نوحد جهودنا لنحمي الطفولة من أنياب الظلام. فلنتذكر دائمًا أن دعم الصحة النفسية ليس رفاهية، بل ضرورة لإنقاذ الأرواح.