وفق مواصفات عصرية تنسجم مع المعايير الدولية المعتمدة، أعلن بمدينة الرباط منذ أزيد من ست سنوات عن افتتاح حديقة وطنية للحيوانات تم تجديدها كليا لتشكل فضاء تعليميا وترفيهيا جديدا بموقع جغرافي وتشكيلة من العوامل البيولوجية والمناخية والجيولوجية تمنحه تنوعا وغنى في المناظر وبعدا ثقافيا فريدا. سلمى السليماني، مديرة عامة منتدبة بالحديقة الوطنية للحيوانات بالرباط، تقربنا من الجانب التعليمي والتربوي للحديقة ودورها في تحسيس وتربية زوارها الصغار.
حدثينا عن البرنامج التربوي الذي وضعتموه لزواركم الصغار؟
التربية هي الأساس في الدور الجديد للحديقة، حيث لم نعد نكتفي بالترفيه والحفاظ على الحيوانات، بل أضفنا أدوار جديدة مثل التربية على البيئة وكذلك البحث العلمي. فمن خلال الزيارة تلاحظون لافتات بها معلومات حول كل حيوان وعن صنفه وهل هو في طور الانقراض أو في حالة خطر.. كل هذه المعلومات تحث الأطفال بطريقة غير مباشرة على الحفاظ على الحيوانات.
إلى جانب الضيعة التربوية، هناك ورشات تستهدف الصغار تهم بالأساس المحافظة على الحيوانات والبيئة كإعادة التدوير والنظام الغذائي للحيوانات وتصنيفها ولقاءات مع المعالجين. كما أن هناك عدة ورشات لها أهداف تصب كلها في اتجاه المحافظة على البيئة. طبعا كل هذه الأنشطة تتم بتنسيق مع المدارس كي تتناسب والبرامج التعليمية التي تدرس نظري وتطبيقي (فالطفل عن طريق حواس اللمس والشم يتعلم الكثير).
ماهي الطرق المعتمدة لتحبيب وتقريب الطفل من عالم الطبيعة والحيوانات؟
عن طريق الشرح والتفسير وسرد القصص والترفيه، يسهل علينا تقريب الطفل من عالم الحيوانات، لكن يبقى التحذير واجب في كون هذه الأخيرة تبقى متوحشة ومفترسة في بعض الأحيان. فمن مسؤوليتنا تنبيههم لهذا الأمر. طبعا الحديقة تم تصميمها بطريقة حديثة وفقا للمعايير الدولية الخاصة بالسلامة، فبخلاف ما يبدو أنها فضاء مفتوح، الأماكن التي تتواجد فيها الحيوانات محمية بحواجز وأسلاك كهربائية بطرق خاصة لا يراها الزائر.
هل فكرتم في وضع برامج تربوية تجمع بين أولياء الأمور والأطفال؟
فكرة جيدة يمكن تطبيقها في الأيام المقبلة، ولما لا فتح الورشات في وجه الكبار أيضا.
ما هي المشاريع المستقبلية التي تشتغلون عليها؟
معرض الزواحف سيرى النور قريبا وبالضبط نهاية هذه السنة، وهو المعرض الذي سيضم أصنافا افريقية فقط تحت شعار من “المغرب إلى مدغشقر”، بحيث سنستضيف خمس مناطق على مساحة 1700 متر مربع وسيعرض أزيد من 45 صنفا من الزواحف. والهدف يبقى تربويا بالدرجة الأولى، وهو التعريف بهذا النوع من الحيوانات بطريقة حقيقية بعيدا عن العالم الافتراضي أصبحنا نعيش فيه.
ماذا عن مصدر هذه الحيوانات؟
بحكم الشراكات التي تجمعنا مع حدائق أخرى ومؤسسات متخصصة في الحيوانات في عدد من البلدان، يتم جلبها من هناك و نتفادى الشراء على قدر المستطاع. نحن الآن في طور التحضير للانخراط في الجمعية الأوروبية لحدائق الحيوانات، وهذا الأمر يتطلب مساطر معقدة جدا. فالاجتماعات متواصلة لتحضير الوثائق.
أذكر فقط أن الحديقة تتوفر حاليا على حوالي 2000 حيوان يمثلون 150 فصيلة حيوانية افريقية، لأن هدف الحديقة منذ البداية هو الحفاظ على هذه الأصناف الحيوانية وملائمتها مع المناخ حتى تتمكن من التوالد، ولم لا إعادة إدخال بعض الحيوانات في مواطنها الأصلية كما هو الحال بالنسبة لبعض الضباء الصحراوية كالغزال وأبوعدس.
افتتحتم السنة الماضية متحفا في وجه زوار الحديقة. هل حققتم الهدف؟
سنة 2017 افتتحنا المتحف الذي سعينا من خلاله توضيح استيطان الحيوانات البدائية في المغرب والمناطق التي عاشت بها وكيف انقرضت. في هذا الفضاء نعرض العظام المتبقية ونقدم معلومات ونعرض فيلما وثائقيا للأطفال ليتعرفوا بالصورة عن سبل الحفاظ على الثروة الحيوانية، لأن الكثير من أصناف الحيوانات مهددة بالانقراض.
تم تصميم ضيعة تعليمية للزوار الصغار. ما هي المعارف والقيم التي يكتسبها الأطفال من خلال هذا الفضاء؟
الضيعة التربوية أو البيداغوجية هي فرصة لاكتشاف العيش في البادية وطريقة إنتاج بعض المواد كالحليب والبيض والعسل.. ومناسبة أيضا لتقريب الصغار من عالم طيور الزينة والدواجن، حيث يشاركون بشكل ملموس في أنشطة الضيعة، كما يتعلمون احترام الحيوانات ومعرفة الأصناف والسلالات والأنظمة الغذائية وطريقة التناسل وذلك في أفضل شروط الجودة التعليمية.