اختفت نزاكت، الأم الريفية البسيطة التي كانت تحظى بحياة هادئة في قريتها في عام 2005 .
كان اختفاءها بداية لغز معقد لم تجد له إجابة حتى بعد مرور 19 عامًا. لم تترك نزاكت وراءها أي أثر يذكر، ولم تسجل حادثتها في السجلات الرسمية، الأمر الذي جعل اختفاءها يبدو وكأنه مجرد حادث عابر. لكن الحقيقة التي اختفت وراء ذلك كانت أكبر وأكثر ظلمة مما تصوَّرته عائلتها.

الرواية الرسمية: اختفاء عابر أم جريمة قتل؟
في البداية، أخبر والد حبيبة، ابنة نزاكت، أطفاله بأن والدتهم قد توفيت في حادث، وأنها كانت ضحية جريمة قتل، بل وأكد لهم أن هذا الحادث تم تغطيته إعلاميًا. وعندما طلبت حبيبة من والدها إظهار المقال الصحفي الذي نشر تفاصيل الحادث، لم يستطع أن يقدم لها أي دليل موثق. بل ادعى أن شقيقها الأصغر قد شاهد المقال نفسه، لكن الطفل أكد ذلك تحت ضغط من خوفه. هذا التناقض في الرواية بدأ يثير الشكوك لدى حبيبة.

نزاكت: من الأم الحنونة إلى ضحية جريمة مروعة
كبرت حبيبة، وكبر معها شعورها بالشك. لماذا لم يتم تشييع والدتها؟ ولماذا لم يقم لها عزاء؟ كانت هذه الأسئلة تزداد تعقيدًا مع مرور الوقت، حتى أصبحت حبيبة مقتنعة بأن هناك شيئًا ما قد تم إخفاؤه عنهم. لذا قررت أن تسعى لمعرفة الحقيقة. في برنامج تلفزيوني، جرت مواجهة حاسمة مع والدها، حيث اتهمته بشكل مباشر بأنه وأعمامها قتلوا والدتها ودفنوها. وعندما حاول الأب الدفاع عن نفسه قائلاً إن نزاكت كانت مدمنة مخدرات، سألت مقدمة البرنامج سؤالًا بسيطًا: “من أين حصلت ربة منزل من الريف على المخدرات؟” لتسقط الحجة ويسقط والدها في التناقض.
تقرؤون أيضا : http://قضية جينيفر : قتلت زوجها و تباهت بإخفاء جثته في مكالمة هاتفية كشفت الحقيقة “فيديو”
الشهادات تتوالى والعدالة تبدأ في الكشف عن الحقائق
بعد تلك المواجهة، بدأت الشهادات في الظهور من مصادر غير متوقعة. اتصلت امرأة مجهولة لتخبر المحققين أنها عثرت على بطاقة هوية نزاكت محترقة في غابة بيكوز. كما أفاد أحد أفراد العائلة بأنه سمع الأعمام يتحدثون عن قتل نزاكت قبل سنوات. إلا أن المفاجأة الكبرى كانت عندما اتصل شاهد سري ليؤكد قائلاً: “نور الدين، يوسف، وحسين قتلوا نزاكت ودفنوها في غابة بيكوز.” كانت هذه الشهادات بمثابة الحلقات المفقودة التي كانت تفسر اختفاء نزاكت.
الاعتراف في النهاية: الجريمة تنكشف
بعد التضييق على المشتبه بهم، اعترف الأب أمام الشرطة قائلاً: “نعم، نحن قتلناها… لكن لا أعرف لماذا فعلنا ذلك.” هذا الاعتراف كان بمثابة القشة التي أسقطت الستار عن الجريمة المدفونة منذ نحو عقدين من الزمن. وأدى ذلك إلى إعادة فتح القضية رسميًا، ما سمح للعدالة أن تأخذ مجراها أخيرًا.

العدالة بعد صمت طويل
ما كان يبدو وكأنه مجرد حادث عائلي تحول إلى جريمة قتل مدبرة، تم إخفاؤها تحت غطاء من الأكاذيب والتواطؤ العائلي. لكن بفضل إصرار حبيبة، التي قررت أن تبحث عن الحقيقة رغم الصعاب، استطاعت أن تكشف عن الجريمة التي كانت مدفونة طيلة هذه السنوات. أصبحت نزاكت اليوم رمزًا للنساء اللاتي يعانين في صمت، وسيتذكرها الجميع، ليس فقط كأم مفقودة، بل كضحية جريمة تكشفت أخيرًا.
وبذلك، يكون ضوء العدالة قد سطع بعد سنوات طويلة من الظلام، لتكشف عن الحقيقة التي دفنت منذ 19 عامًا.