يقول الدكتور علي شعباني أستاذ باحث في علم الاجتماع أن زواج المصلحة كان دائما حاضرا في الكثير من المجتمعات وبصفة خاصة تلك المجتمعات المحافظة والمتشبتة بالتقاليد والثقافات التقليدية والعلاقات القرابية.
فالزواج الداخلي (الأندوغامي) أي الزواج من داخل الأسرة أو من نفس العشيرة أو القبيلة أو الطائفة الدينية أو العرقية، كان ولا يزال حاضرا في هذه المجتمعات المشار إليها، وذلك دائما من أجل الحفاظ على المصالح المشتركة، والرغبة في إقفال الباب على الدخلاء والأجانب.
أما في العصر الحاضر فإن زواج المصالح بدأ يأخذ منحى آخر، بعيدا عن القرابات الدموية أو العشائرية أو العرقية، ليتقمص أدوار المصالح الاقتصادية أو السياسية أو الاجتماعية
كثيرة هي تلك العائلات الأرستقراطية أو البرجوازية أو ذات النفوذ والسلطة والجاه المادي أو المعنوي، عادة ما تحرص على تزويج أبنائها أو بناتها لبنات وأبناء العائلات التي ترتبط معها في مصالح خاصة أو شراكات اقتصادية.
هذه الارتباطات عن طريق زواج المصالح أصبح يحقق غايات وأهداف متعددة الأبعاد، سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، وما خفي كان أعظم، لفد سبق لبعض الباحثين وعلماء الاجتماع أن تطرقوا بالبحث والتحليل لهذه الظاهرة، التي ما فتئت تشكل نخبا لها تأثير قوي على الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، في البلدان التي تشيع فيها هذه الظاهرة.
إن زواج المصالح لا يراعي ولا يهتم كثيرا بعواطف وميولات ورغبات الأبناء والبنات التي يرغب آباؤهم تزويجهم لمن يرتبطون معهم بمصالح مشتركة، أو لمن يرغبون المصاهرة معهم من العائلات ذات النفوذ والجاه المادي أو الاجتماعي أو السياسي.
إن الزواج الذي كانت تدبره العائلة لأبنائها وبناتها، لم يكن يأخذ بالحسبان العواطف والمشاعر ورغبات هؤلاء الأبناء والبنات في الزواج، بقدر ما كانت تحرص من خلال هذا الزواج، على مصالحها وتطلعاتها الاقتصادية أو الاجتماعية أو السياسية أو غيرها من المصالح الأخرى.
لقد غاب الحب وظهرت المصلحة، لكن لا يمكن اعتبار هذه القاعدة بأنها عامة، ولكنها أصبحت شائعة في العصر الحاضر، بدأت تضمحل تلك القيم النبيلة للزواج، وحضرت المنافع المادية وغيرها من وراء الزواج، ولو كان لمدة قصيرة.
لم يعد الزواج اليوم، عند العديد من الناس يراعي تلك القيم الدينية والوطنية، بل أصبح يرمي إلى تحقيق مصالح ومنافع اجتماعية واقتصادية وغيرها، أينا وجدت ومع من وجدت.